هو عبد الله بن عمرو بن حرام بن الخزرج، الأنصاري السلمي، أبو جابر أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدرا واستشهد يوم أحد.

حاله في الجاهلية:

كان عبد الله بن عمرو بن حرام سيداً من سادات الخزرج وشريف من أشرافها..

قصة إسلامه:

يروي كعب بن مالك قصة إسلام عبد الله بن عمرو بن حرام فيقول: ثم خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من سادتنا أخذناه وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرن، فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر إنك سيد من سادتنا وشريف من أشرافنا وإنا لنرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطباً للنار غداً، ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيانا العقبة، قال: فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيباً..

أهم ملامح شخصيته:

حرصه على مصلحة المسلمين..

ـ وقال ابن المديني: حدثنا موسى بن إبراهيم، حدثنا طلحة بن خراش، سمع جابرا يقول: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحا، فقال: يا عبدي! سلني أعطك، قال: أسألك أن تردني إلى الدنيا، فأقتل فيك ثانيا، فقال: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال: يا رب! فأبلغ من ورائي. فأنزل الله: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.

وروي نحوه من حديث عائشة.

بذله للنصيحة:

لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني حين خرج إلى أحد - في ألف رجل من أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط بين أحد والمدينة انخزل عنهم عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس وقال: اطاعهم فخرج وعصاني! والله ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس! فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه من أهل النفاق وأهل الريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول: يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عند من حضر من عدو! فقالو: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكنا لا نرى أن يكون فقال! فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم قال: أبعدكم الله أعداء الله! فسيغني الله عنكم! ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم..

وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون (167)

بعض المواقف من حياته مع الصحابة:

ـ يروي أبي نضرة، عن جابر قال أبي: أرجو أن أكون في أول من يصاب غدا، فأوصيك ببناتي خيرا، فأصيب، فدفنته مع آخر، فلم تدعني نفسي حتى استخرجته ودفنته وحده بعد ستة أشهر، فإذا الأرض لم تأكل منه شيئا، إلا بعض شحمة أذنه.

أثره في الآخرين:

ـ نص عليه أحمد في من ترك وفاء، لأن عبد الله بن حرام أبا جابر بن عبد الله خرج إلى أحد، وعليه دين كثير، فاستشهد، وقضاه عنه ابنه بعلم النبي، ولم يذمه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم ينكر فعله، بل مدحه، وقال { ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها، حتى رفعتموه. وقال لابنه جابر أشعرت أن الله أحيا أباك، وكلمه كفاحا}.

فمن عليه دين حال أو مؤجل، لم يجز له الخروج إلى الغزو إلا بإذن غريمه، إلا أن يترك وفاء، أو يقيم به كفيلا، أو يوثقه برهن. وبهذا قال الشافعي، ورخص مالك في الغزو لمن لا يقدر على قضاء دينه ; لأنه لا تتوجه المطالبة به ولا حبسه من أجله، فلم يمنع من الغزو، كما لو لم يكن عليه دين.

ولنا أن الجهاد تقصد منه الشهادة التي تفوت بها النفس فيفوت الحق، بفواتها، وقد جاء { أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا، تكفر عني خطاياي؟ قال: نعم، إلا الدين، فإن جبريل قال لي ذلك } رواه مسلم وأما إذا تعين عليه الجهاد، فلا إذن لغريمه ; لأنه تعلق بعينه، فكان مقدما على ما في ذمته، كسائر فروض الأعيان، ولكن يستحب له أن لا يتعرض لمظان القتل ; من المبارزة، والوقوف في أول المقاتلة، لأن فيه تغريرا بتفويت الحق. وإن ترك وفاء، أو أقام كفيلا، فله الغزو بغير إذن.

موقف الوفاة:

ـ فعن ابن المنكدر، عن جابر لما قتل أبي يوم أحد، جعلت أكشف عن وجهه، وأبكي، وجعل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهوني وهو لا ينهاني، وجعلت عمتي تبكيه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: تبكيه أو لا تبكيه، ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفعتموه.

ـ شريك: عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر قال: أصيب أبي وخالي يوم أحد، فجاءت أمي بهما قد عرضتهما على ناقة، فأقبلت بهما إلى المدينة، فنادى مناد: ادفنوا القتلى في مصارعهم، فردا حتى دفنا في مصارعهم. قال مالك: كفن هو وعمرو بن الجموح في كفن واحد.

ـ وقال الأوزاعي: عن الزهري، عن جابر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما خرج لدفن شهداء أحد، قال: " زملوهم بجراحهم، فأنا شهيد عليهم " وكفن أبي في نمرة.

وتوفي:في العام الثالث الهجري في غزوة أحد..

ودفن: كما يروي الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر قال: أصيب أبي وخالي يوم أحد، فجاءت أمي بهما قد عرضتهما على ناقة، فأقبلت بهما إلى المدينة، فنادى مناد: ادفنوا القتلى في مصارعهم، فردا حتى دفنا في مصارعهم. قال مالك: كفن هو وعمرو بن الجموح في كفن واحد