عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 

مكان النبي صلى الله عليه وسلم من المؤمنين 
 
قال الإمام البيضاوي رحمه الله في قوله تعالى :" النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" :" في الأمور كلها؛ فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم بخلاف النفس فلذلك أطلق، فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وأمره أنفذُ عليهم من أمرها، وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها"، وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما من مؤمنٍ إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فأيما مؤمن ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك دَيناً أو ضياعاً فليأتني وأنا مولاه"، فقد جعل نفسه بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه مولى للمؤمنين يسد عنهم ويحمل عنهم، وأمره يسري علينا بلا ترددٍ أو نظر، لأن نظره بنا أرفق ونظره لمصالح ديننا ودنيانا أتم، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"ومِن ذلك أنه أخبر أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن حقه أنه يجب أن يؤثره العطشان بالماء والجائع بالطعام، وأنه يجب أن يُوقى بالأنفس والأموال كما قال سبحانه وتعالى:"ما كان لأهل المدينة ومَن حولهم من الأعراب أن يتخلَّفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه""،  فمكانه صلى الله عليه وسلم فوق مكاننا، بل فوق مكان المخلوقين،
 
 
 
 
 
 وقد روى مسلم في صحيحه في باب (تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق) حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع"، ولقد كانت الجمادات تعرف ذلك وتُنزل الرسول صلى الله عليه وسلم منزله وتعرف له قدره، فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إني لأعرف حجراً بمكة كان يُسَلِّم عليَّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن"، وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو حديث طويل وفيه:" سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا وادياً أفيح، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى حاجته، فاتبعتُه بإداوة من ماء، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم  فلم يرَ شيئاً يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصنٍ من أغصانها فقال:"انقادى عليَّ بإذن الله" فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائدَه حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصنٍ من أغصانها فقال:" انقادى عليَّ بإذن الله" فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لَأَمَ بينهما - يعني جمعها-  فقال:" التئما عليَّ بإذن الله" فالتأمتا،
 
 
 
 
قال جابر: فخرجت أُحضر مخافة أن يحس رسول الله صلى الله عليه وسلم  بقربي فيبتعد - وقال محمد بن عباد فيتبعد - فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق"،  نعم، الحجر والشجر يعرفان مكانة النبي صلى الله عليه وسلم فيسلِّم الحجر عليه وينقاد الشجر لأمره في حين تُسوِّل تلك النفوس الخبيثة لأصحابها الهلكى التطاول على مقام النبوة، ألا تباً لهم من تعساء وتباً لهم من هلكى. ولعمري لئن كان هذا حال الحجر والشجر مع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أفيليق بالمؤمن أن يكون في توقيره صلى الله عليه وسلم والانقياد لأمره أقل حالاً من الحجر والشجر، لا والله لا يليق



                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق