وأما رحمتُـه صلى الله عليه وسلم بأهـله؛ فتتجـلى أول ما تتجلى؛ في حرصـه صلى الله عليه وسلم على نجـاتهنَّ من عذاب الله، وتعهدِهنَّ بنُصحِه صلى الله عليه وسلم.
☼ فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَزِعًا فَقَالَ: «سُبْحَانَ الله! مَاذَا أَنْزَلَ الله مِن الخَزَائِنِ؟ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِن الْفِتَنِ؟ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ ـ يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ ـ لِكَيْ يُصَلِّينَ، رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا، عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ» (البخاري).
☼ وكان صلى الله عليه وسلم يرشدُهُنَّ إلى ما هو خيرٌ لهنَّ وأنفع من العمل؛ فعَنْ جُوَيْرِيَةَ بنت الحارث رَضِيَ الله عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: «مَا زِلْتِ عَلَى الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟» قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ؛ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ» (مسلم).
☼ وتوجيهاته صلى الله عليه وسلم ووعظه لنسائه صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين كثيرة متنوعة، في مناسبات وأحوال متفرقة؛ يحثهنَّ فيها على البرِّ والصدقة وطاعة الزوج في المعروف.
وهو صلى الله عليه وسلم في ذلك ممتثل توجيهات القرآن ـ الذي هو خُلُقُه-؛ في قوله عزَّ وجلَّ: ﮋﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﮊ [طه:132]. وقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" [التحريم:6].
☼ ورحمتُه صلى الله عليه وسلم حاضرة ظاهـرة كذلك في إعانتهنَّ على أمور البيت والمعاش؛ فيما يقوم به صلى الله عليه وسلم في بيته من أعمال؛ خدمة ومعونة لهنَّ؛ فكان يَخِيط ثوبَه، ويَخصِف نعلَه؛ هذا مع جنابه العظيم، ومقامه الكريم صلى الله عليه وسلم.
☼ فقد سُئلت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: «كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة» (البخاري).
☼ وعنها رضي الله عنها، قالت: «كان يخيط ثوبه، ويخصِفُ نعلَه، ويعملُ ما يعمل الرجالُ في بُيوتهم» (أخرجه أحمد وصححه الألباني).
☼ وسُئِلَتْ عَائِشَة رضي الله عنها: مَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ» (أخرجه أحمد وصححه الألباني).
المقال السابق
المقال التالى