السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول أحدهم : "أتوب وأعود .. فما الحل؟"
ويقول الآخر : "أصر على الصغائر .. فما الحل؟ "
كما تقول ثالثة : "أفكر في خلع الحجاب .. فما الحل؟"
ويقول آخر :" يراودني الإحساس للتقهقر .. فما الحل؟"
نعم تساؤلات وشكاوى عبرعنها الكثير بانها مصائب
والبعض يقول مللت وكلما اتوب اعود احس بالضيق ....الخ
من العبارات التي اصبحنا نقراها بشكل شبه يومي
تعدد اسلوب التعبير ولكن المشكلة واحدة
ولاملامة فهذا ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى
ونسال الله لنا ولهم الهداية والتوفيق والثبات
ولكن لابد من وقفه مع هذه المشكلة
التي يعاني منها اخواننا وهي :
العودة سريعا الى الذنوب والانتكاسة بعد التوبة لماااااااااااذا ؟
لايستمر بالتوبة والتوجه لله تعالى
مع انه يتوب ويعود ويعيش فعلا مع الطاعة
ولكنه سريعا مايعود للمعصية والذنب
ثم يعاوده شعور الهم والغم والضيق بسبب عودته
ماحقيقة من هذا حاله ؟
عندما يغرق في الشهوة واللذة لايحس بشئ ويتبلد احساسه
وتصم اذانه وتعمى ابصاره
الا من هذه اللذة والشهوة الا من رحم الله
ثم
ما ان ينتهي منها الا ويفيق من سكرة هذه الشهوة واللذة
وتبدا معها الندامات والحسرات والضيق وسريعا مايبحث عن الحل
وربما وهو / وهي في مكان الشهوة واللذة وقبل ان تتحرك
((((((ماهو هذا الطريق ))))))
هو طريق التوبة الذي اعتاد عليه عندما يذنب
سبحان الله
اقول لمن هذا حاله هنيئا لك وعزائي لك ايضا
لانك تصيب وتخطئ في نفس الوقت
كيف ؟
تصيب بعودتك الى الله تعالى وتوبتك مما وقعت فيه
وتخطئ لتكرر نفس الذنب والوقوع بنفس الحفرة السابقة
التي نجوت منها بالامس
نقول لكل اخ وأخت تكررت منه التوبة مهما كثرة ذنوبه
توبتك اذا كملت شروطها وصدقت واخلصت لله تعالى فباذن الله تعالى توبتك صحيحه
شروط التوبة
كما جاءت في القرآن والسنة :
ألا وهي ( الندم على ما فات ، والإقلاع عن الذنب والعزم على عدم الرجوع إليه ، وأن تكون التوبة خالصة لوجه الله وطلباً لما عند الله من الأجر ،
وإرجاع الحقوق إلى أهلها )
وكل توبه تتكرر بشروطها فهي لاتفسد
ولكن تحتاج الى تجديد بالعزم والصدق والاخلاص وبكامل الشروط
ومن يتوب وفي نفسه شيئا لهذا الذنب وعودة اليه
فهذه سميت بتوبة الكذابين نسال الله العافيه والسلامة
اذا لانيأس ولو تكرر الذنب
ولو عاد الانسان للذنوب بعد التوبة مرات تلو مرات
ولكن لايكون هذا معينا على التكرار فكما ذكرنا ان التوبة بكامل شروطها
ولكن هناك امور لابد الانتباه لها
للاستمرار على هذه التوبة والثبات عليها
لابد من فعل الاسباب المعينه على الاستمرار
ليكن لسان حالكِ يقول :
يا من يرى مدَّ البعوض جناحها *** في ظلمة الليل البهيم الأليَلِ
ويرى نياط عروقها في نحرها *** والمخَّ في تلك العظام النُّحَّلِ
امنن علي بتوبة امحو بهــــــا *** ما كان مني في الزمان الأولِ
لاتستعجل ابدا فانت في بداية الطريق والاختبار امامك
قال تعالى:
الم{1} أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{3}
كون من الصادقين لكي تنال ماعند الله تعالى
ولاتستسلم من اول الطريق
وتخسر ماوعد الله تعالى كل من جاهد وصدق في المجاهدة
قال تعالى:
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69
تريد الهداية استمر على الطريق ولاتتنازل مهما كانت المغريات
نعم ستواجه العقبات والصعوبات في بداية الطريق
ولكنها ايام ثم تعيش عيش السعداء باذن الله تعالى
وتبدأ تلوم نفسك وتقول كيف تجرات على مافات
وأضعت ما فات من عمري في معصية الله سبحانه وتعالى
اخي /أختي
وكل من تاب وعاد
قال تعالى:
"إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ..."
تبت ؟
عدت ؟
سلكت طريق الله تعالى ؟
غيرت نمط حايتك كلها من اولها لاخرها
صحبه
معاملة
في العمل
في المدرسه
في السوق
في كل حركه من حركاتك اجعلها تتغير مباشرة بعد التوبة
واعلنها صادقة نصوح لله تعالى كيف ؟
من التغيير هو ان تكون في بيئة صالحة
تكون معينه لك على كل خير وتدلك عليه
لنقرأ خطاب الله تعالى للمصطفى صلى الله عليه وسلم
وهو المعصوم الذي غفر له ماتقدم من ذنبه وماتاخر
قال تعالى :
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28
فاذا كان هذا المعصوم صلى الله عليه وسلم
الذي غفر له ماتقدم من ذنبه وماتاخر يؤمر بهذا الامر
فكيف بحالي وحالك !!!
وحال من يقيم على المعاصي والذنوب ليل نهار ؟؟؟؟؟؟
اهجر كل مكان يذكرك بالمعصيه
تريد الثبات ؟
اجعل القران العظيم كل حياتك
اجعله داخلا في كل امورك صغيرها وكبيرها فهو تبيانا لكل شئ
سر على خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم بكل ماتعنيه الكلمة
اتبع الذي ارسل رحمة للعالمين وبشيرا ونذيرا
والذي من سار على نهجه واتبع سنته
فاز في الدنيا قبل الاخرة بعد توفيق الله تعالى
طبق وجاهد واحرص على تطبيق
كل سنة جاء بها المصطفى صلى الله عليه وسلم
قف عند كل نهي منه
وسارع بفعل كل امر منه
لاتتردد ولاتسوف اعمل واصدق واخلص لله
ستجد الصعوبه في البداية
ولكن والله ان العاااااقبة طيبه مباركة في الدنيا قبل الاخرة
وتذكري متاع الحياة الدنيا الى فناء وزوال مهما طالت لذته
وخير من هذا كله هو قوله تعالى :
{قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }آل عمران15
الله اكبر
هل عندك هدف وهم اكبر من هذا؟
جنات تجري من تحتها الانهار
والفضل العظيم والكبير رضوان من الله
اتستحق هذه الدنيا وشهواتها ان نضيع هذا كله لاجلها ؟؟؟
اخي / أختي يامن توجهت
لتتصف بهذه الصفات وتعمل بها :
الصابرين
لنصبر على الطاعة ولنصبر عن المعصية مهما بلغ الامر فنحن من معاشر التائبين لاننسى ذلك ابدا ولاننسى اننا نريد الثبات
الصادقين
لنصدق في اقوالنا واعمالنا لله تعالى في ظاهرنا وباطننا فلا نتشكل في كل مكان على حسبه وليكن توجهنا واحد في كل الاحوال وهو التوجه لله تعالى
القانتين
نعم لنكن مداومين على الطاعة بكل خضوع لله تعالى وخشوع ونجاهد انفسنا في هذا الباب
المنفقين
لننفق في كل احوالنا ان كنا نجد فلا نبخل وان لم نجد لانحقر من المعروف شيئا
ولنكن من المستغفرين المكثيرن منه وخاصة في الاسحار كما ذكر هذه الصفات الله تعالى في كتابه العظيم
وهو سبحانه اعلم بصالح عبادة وماهو سبيل نجاتهم وماهو العمل الذي ينجيهم بعد رحمته سبحانه
فلما التردد والبحث والتفتيش وبين ايدينا كتاب الله تعالى والطريق واااااضح وضوح الشمس
أخي / أختي
المجاهدة ثم المجاهدة ثم المجاهدة
كل هذا العمل يحتاج الى مجاهدة وصبر ومصابرة والنتيجة طيبه
قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200
النتيجة
الفلاح
الا تريد ان تكون من الفالحين ؟
فلنصبر
ولنصابر
ولنرابط
ولنتق الله تعالى :
فماهي الا ايام وربما ساعات ودقائق ويقال فلان او فلانه ........ مات / ماتت
ثم ماذا الى قبر ..... اما نور ورحمة ونعيم الى قيام الساعة
واما ضيق وهم وغم وعذاب الى قيام الساعة نسال الله العافيه والسلامه
فلنحرص الا يختم لنا الا بخير وعلى خير وعلى طاعة
فكم من قصة سمعنها وقد ختم للبعض بالخير وهنيئا لهم
وقصصا ايضا ختم لصاحبها بشر نسال الله العافيه والسلامه
ونحن بشر مثلهم وسنلقى مالقوا ولكن على اي حال الله اعلم
فليكن همنا الوحيد وفي قلوبنا هو الله تعالى والطريق اليه
ليختم لنا بالصالحات بحوله وقوته
وكمايقال :
القلب ملك والأعضاء جنوده
فإذا صلح القلب صلحت الرعية وإذا فسد فسدت
و لقد كان الصالحون يخشون أن تشغل قلوبهم بغير الله
فإذا أحبوا شيئا من الدنيا ووافق هواهم تركوه خوفا من أن يشغلهم عن ذكر الله
إذ أن كل من شغل بشيء أحبه
وإذا شغل الإنسان بحب الدنيا والشهوات انشغل بها قلبه عن حب الآخرة
قال الحبيب صلى الله عليه وسلم :
الحلال بين ، والحرام بين ، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس ، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات : كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة : إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب . الراوي: النعمان بن بشير المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 52
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فلنعمل ونحرص لنصلح قلوبنا بكل طاعة يحبها الله ويرضاها
وبكل قربه لكي يصلح بعدها الجسد كله
كما أن اسباب الثبات كثير
ولكننا نريد ان نتكلم عن شيء مهم وهو
((((((((((((((( الحــــــــــــــــل ))))))))))))
لماذا غاب الندم؟
لماذا غاب هذا الإحساس المهم
الذي هو من شروط التوبة الصحيحة
إن المشكلة الحقيقية هي:
غياب الندم على ما فات من معاصٍ وتقصير..
إنه البرود
والمطلوب إذن تسخين القلوب ..
والمطلوب إذن دموع ساخنة تذيب هذا الجليد من غياب الندم..
أن الندم يحصل بــ:
1- تعظيم الحق جل جلاله ومعرفة مقامه ومعرفة ذاته وصفاته وتعبّده بها.
2- و معرفة النفس وإنزالها منزلتها ومعرفة أن سبب كل شر يقع فيه ابن آدم من نفسه.
تعظيم الحق جل جلاله
فإذا أردت أن تعرف عظم الذنب فانظر إلى عظمة من أذنبت في حقه.
أكبر آفة وقع فيها أهل عصرنا وأكبر معصية ارتكبتها قلوب أمتنا:
أن زالت هيبة الله من القلوب
هذه هي المأساة..
إننا صرنا نخاف من البشر أكثر من خوفنا من الله
ونستحي من البشر أعظم من حيائنا من الله
ونرجو البشرأعظم من رجائنا في وجه الله
لذا لما هان الله علينا هُنّا عليه والجزاء من جنس العمل
ثم يعلق ابن القيم فيقول:
"من أعظم الظلم والجهل:
أن تطلب التوقير والتعظيم لك من الناس..
وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره!"
وعلينا أن ننتبه إلى هذه الفائدة الغالية:
فإنك توقر المخلوق ،وتجله أن يراك في حال،
ثم لا توقر الله ،فلا تبالي أن يراك سبحانه وتعالى عليها..
أيحب أحدكم أن يراه الناس وهو يزني؟
إذن فكيف ترضى أن يراك الله على هذه الحالة؟
ألا تستحي منه؟
وصدق الله تعالى:
يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً{108} هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً{109}
والله علمنا؛ قال سبحانه لنا لينبهنا إلى تلك القضية أتم تنبيه
لفت نظرنا إلى شيء نستشعره ، شيء موجود عندنا وجوداً ماديا
لأننا ننسى استشعار نظر الله ومراقبته..
فقال جل جلاله:
وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ{22} وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ{23} فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ{24}
لما كانت نفس الناس ضعيفة واستشعارهم معية الله صعباً
ذكرهم الله بأن معهم شهوداً :
سمعكم ، وأبصاركم ، وأيديكم ، وأرجلكم ، وبطونكم ، وفروجكم ..
نعم ستشهد عليك . .
فإذا أردت أن تعصي الله
فاذكر أن الله معك يسمعك ويراك:
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }المجادلة7
فإن لم تستشعر تلك القضية
(وعجز قلبك عن استحضار سمع الله وبصره ، فتخشاه ، فتخافه ؛ تخشي بطشه ، تخاف انتقامه ، تستحيي أن يراك على العيب.عليك رقيب . . وهو الذي يسترك . . فوقك قاهر . . وعليك قادر . . ومنك قريب، يستطيع أن ينتقم ويأخذ حقه ،ولكنه الحليم . . والحيي الستير . . جل جلاله . . وعجز قلبك عن استحضار تلك المعية . . فلم تستطع أن تختفي من الله . . ولا أن تستتر منه . .)
فتذكري أن معك عيناً ستشهد عليك . . وأذناً ستشهد عليك . . ويداً ستشهد عليك . . ورجلاً ستشهد عليك . . فإنك إن استطعتي أن تتستري وتختبئي . . فختبئ من أعضائك، وتوارى منها ، فافعلي .. فإن لم تقدري
فاترك المعصية خوفاً من ذي الجلال جل جلاله . .
يا من تعاني مأساة الذنوب اختبئ من الله فلا يراك عليها . .
فإن نسيت نظر الله وغلبتك شهوتك ، فأعمت عين بصيرتك . .
فاختبئ من يدك التي تعصي الله بها . .
إذا تحركت عينك للنظر ،فتذكري أنها ستشهد عليك يوم القيامة . .
وإذا تحركت رجلك لتعصي،
فاعلم أنها وكل جوارحك عليك شهود يوم تلقين الله عز وجل . .
الم تعلمي ان الله سبحانه وتعالى
الجبار المنتقم
يفرح بتوبتك وهو الغني عنك
ثبت في الصحيح عن النبى صلى الله عليه و سلم أنه قال :
لله أشد فرحا بتوبة عبده ، حين يتوب إليه ، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة . فانفلتت منه . وعليها طعامه وشرابه . فأيس منها . فأتى شجرة . فاضطجع في ظلها . قد أيس من راحلته . فبينا هو كذلك إذا هو بها ، قائمة عنده . فأخذ بخطامها . ثم قال من شدة الفرح : اللهم ! أنت عبدي وأنا ربك . أخطأ من شدة الفرح الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2747
خلاصة حكم المحدث: صحيح
سبحان الله ...
و ما أجمل تلك الحكاية التي ساقها ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين
حيث قال :
" و هذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين أنه رأى
في بعض السكك باب قد فتح و خرج منه صبي يستغيث و يبكي ,
و أمه خلفه تطرده حتى خرج , فأغلقت الباب في وجهه و دخلت
فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا ,
فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه ,
و لا من يؤويه غير والدته , فرجع مكسور القلب حزينا .
فوجد الباب مرتجا فتوسده و وضع خده على عتبة الباب و نام ,
و خرجت أمه , فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه
, و التزمته تقبله و تبكي و تقول : يا ولدي , أين تذهب عني ؟
و من يؤويك سواي ؟ ألم اقل لك لا تخالفني ,
و لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك و الشفقة عليك . و إرادتي الخير لك ؟
ثم أخذته و دخلت .
فتأمل قول الأم :
لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة .
و تأمل قول الرسول صلى الله عليه وسلم
قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي ، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي ، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته ، فألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم : ( أترون هذه طارحة ولدها في النار ) . قلنا : لا ، وهي تقدر على أن لا تطرحه ، فقال : ( لله أرحم بعباده من هذه بولدها ) . الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5999
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
و أين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟
فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد أستدعى منه صرف تلك الرحمة عنه ,
فإذا تاب إليه فقد أستدعى منه ما هو أهله و أولى به .
فهذه تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح الواجد لراحلته في الأرض المهلكة بعد اليأس منها
اسال الله العظيم لي ولكم الثبات حتى نلقاه
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم