عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

انظر وتأسَّ بصحابة الرسول  صلى الله عليه وسلم كيف كانوا يحبونه ويعظمونه ويوقرونه ؟

 

لما بعثت قريش عروة بن مسعود ليتفاوض معهم عام الحديبية فجعل يرمق أصحاب النبي  صلى الله عليه وسلم بعينه قال فو الله ما تنخم رسول الله  صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيما له .

فرجع عروة إلى أصحابه فقال : أي قوم - والله - لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنَّجاشي - والله - ما رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد  صلى الله عليه وسلم محمدًا .[ رواه البخاري ]

 

 

 قال عمرو بن العاص  رضي الله عنه : وما كان أحد أحب إلي من رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، ولا أجل في عيني منه ، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت ؛ لأني لم أكن أملأ عيني منه ، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة . [ رواه مسلم ]

انظر كيف بلغ حبهم له ؟ وقس عليه حالك .

 

وعن أنس  رضي الله عنه قال : لقد رأيت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ، والحلاق  يحلقه ، وأطاف به أصحابه فما يريدون أن تقعَ شعرة إلا في يد رجل . [ رواه مسلم ]

 

 

وكانوا يتطيبون بعرقه : فلما النبي  صلى الله عليه وسلم أراد أن يحلق رأسه بمني أخذ أبو طلحة شق رأسه فحلق الحجام ، فجاء به إلى أم سليم ، وكانت أم سليم تجعله في مسكها ، وكان  صلى الله عليه وسلم يجيء فيقيل عندها على نطع ( جلد ) ،وكان  معراقًا فجاءت ذات يوم فجعلت تسلت العرق ، وتجعله في قارورة لها ، فاستيقظ النبي  صلى الله عليه وسلم فقال : ما تجعلين يا أم سليم . قالت : يا نبي الله عرقك أريد أن أدوف [ أخلط ] به طيبي . [ رواه الإمام أحمد في مسنده وصححه الأرنؤوط  ]

 

وروي عن أبي بكر  رضي الله عنه أنه قال للنبي  صلى الله عليه وسلم : والذي بعثك بالحق لإسلام أبي طالب كان أقر لعيني من إسلامه - يعني أباه أبا قحافة ، وذلك أنَّ إسلام أبي طالب كان أقر لعينك .

 

ونحوه عن عمر بن الخطاب قاله للعباس  رضي الله عنه : أنْ تسلم أحبُّ إليَّ من أنْ يسلم الخطاب ؛ لأن ذلك أحبُّ إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم .

و عن زيد بن أسلم قال : خرج عمر  رضي الله عنه ليلة يحرس الناس فرأى مصباحا في بيت و إذا عجوز تنفش صوفا و تقول:

على محمدٍ صلاة الأبـرار **** صلى عليه الطيبون الأخيار
 
قد كنت قواما بكاء بالأسحار **** يا ليت شعري والمنايا أطوار
 

هل تجمعني و حبيبي الدار ؟

تعني النبي  صلى الله عليه وسلم ، فجلس عمر  رضي الله عنه يبكي .

 

 وسئل علي بن أبي طالب  رضي الله عنه : كيف كان حبكم لرسول الله  صلى الله عليه وسلم ؟

قال : كان - والله - أحب إلينا من أموالنا و أولادنا ، وآبائنا وأمهاتنا ، ومن الماء البارد على الظمأ .

 

 

وروي أنَّ عبد الله بن عمر خدرت رجله تعالى فقيل له : اذكر أحب الناس إليك يزل عنك . فصاح : محمد  صلى الله عليه وسلم  فانتشرت .

و لما احتضر بلال  رضي الله عنه نادت امرأته : وا حزناه ! فقال : وا طرباه ! غدا ألقى الأحبة محمدا وحزبه . [ الشفا ص (2/19) ]

 

 

كان محمد بن المنكدر يأتي موضعا من المسجد يتمرغ فيه ويضطجع، فقيل له في ذلك، فقال: إني رأيت النبي  صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع .

[ سير أعلام النبلاء : (5/359) ]

 

 

وحتى نصل إلى هذه المنزلة علينا أن :

(أ) أن تكون محبته أحب إليك من نفسك وأهلك ومالك .

يقول الله تعالى: }النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ {[ الأحزاب : 6]

وقال  صلى الله عليه وسلم : }لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ، وماله ، وولده ، والناس أجمعين { [ رواه البخاري ]

وعــن عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي  صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا من نفسي.

فقال النبي  صلى الله عليه وسلم : }لا - والـــذي نفسي بيده - حتى أكون أحب إليك من نفسك{ .

فقال له عمر : فإنَّه الآن - والله - لأنت أحب إليّ من نفسي .

فقال النبي  صلى الله عليه وسلم : }الآن يا عمر {[ رواه البخاري ]

 

 

(ب)نصدقه في كل ما أخبر به.

فنوقن بأنه لا ينطق عن الهوى ، فالسنة وحي من قبل الله تعالى ، فلا ندع لمنكري السنة اليوم مجالاً ، ونقف أمامهم وقفة رجل واحد ، نجاهدهم بالحجة والبيان ، ونرد على شبهاتهم ، وإن لم تستطع ذلك فلا أقل من أن نعرض الأمر على أهل الاختصاص ليذبوا عن سنة النبي  صلى الله عليه وسلم .

وإلى المتشككين اليوم في سنة النبي  صلى الله عليه وسلم هذا الحديث لنعرف إيماننا من إيمان الصحابة ، قال  صلى الله عليه وسلم : }وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، فالتفتت إليه فكلمته فقالت: إني لم أخلق لهذا، ولكني خلقت للحرث، فقال الناس: سبحان الله! قال النبي  صلى الله عليه وسلم : »فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما " [رواه البخاري ]

فالنبي  صلى الله عليه وسلم يخبر بأن بقرة تكلمت ، ولم يكن أبو بكر وعمر في هذا المجلس – كما في بعض الروايات – لكن يعلم أنهما يصدقانه في كل ما يخبر به ، لا كحال بعضنا   اليوم ، حين يرد سنة النبي  صلى الله عليه وسلم لأنها لا تأتي على هواه .

 

 

 

(ج) طاعته فيما أمر والانتهاء عما نهى عنه وزجر

قال تعالى: }قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {[ آل عمران : 31 ]

عن أبي هريرة  رضي الله عنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : }كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله ؟! قال : من أطاعني دخل  الجنة ، ومن عصاني فقد أبى {[ رواه البخاري ]

فقبل أن نلقي باللائمة على الأعداء ، فعلينا أن ننظر كيف تقديرنا لرسول الله  صلى الله عليه وسلم ، إنَّ الحيوانات وَالجَمَادَاتُ كانت تنقاد لرسول الله وتطيع أمره، وتهابه وتوقره وتتأدب معه ، وتحن إِلَيهِ ، فما بالنا لا ننقاد لسنته ؟!

كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم يضع يده على جذع نخلة ، حتى صنع له المنبر ، قال جابر بن عبد الله  رضي الله عنه : فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار حتى نزل النبي  صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه .[ رواه البخاري ]

وكان الحسن البصري – رحمه الله-إذا حدث بهذا الحديث بكىثمَّ قال :

"يا عباد الله ، الخشبة تحنُ إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم شوقًا إليه ؛ فأنتم أحق أن تشتاقوا إلي لقائه " [ سير أعلام النبلاء : (4/570) ]

وعَن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ  رضي الله عنه قال : أَقبَلْنَا مَعَ رَسولِ اللهِ  صلى الله عليه وسلم حتى دَفَعْنَا إلى حائِطٍ في بني النَّجَّارِ ، فَإِذَا فِيهِ جملٌ لا يَدخُلُ الحائِطَ أَحَدٌ إِلا شَدَّ عَلَيهِ ، فَذَكَرُوا ذلك للنبيِّ  صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ فَدَعَاهُ ، فَجَاءَ وَاضِعًا مِشفَرَهُ عَلَى الأَرضِ حتى بَرَكَ بَينَ يَدَيهِ .

فقال : هاتُوا خِطَامًا ، فَخَطَمَهُ وَدَفَعَهُ إلى صَاحبِهِ ، ثم التَفَتَ فقال : " ما بَينَ السَّمَاءِ إِلى الأَرضِ أَحَدٌ إِلا يَعلَمُ أَني رَسولُ اللهِ ، إِلا عاصِي الجِنِّ وَالإِنسِ " [ رواه الإمام أحمد في مسنده وصححه الألباني في الصحيحة (1718) ]

أمرك حبيبك بالصلاة ، فسل نفسك: هل تؤدي صلاة الفجر في وقتها ؟

أمرك أيتها المحبة بالحجاب فهل ارتديته ؟

أمرنا أن نترك الغيبة والنميمة فهل تركناها ؟

أمرنا ببر الوالدين وصله الرحم والإحسان إلى الجار

أمرنا بأن تغض بصرك فلا تنظر إلى المتبرجات فهل نفذت ما أمرك به حبيبك أيها المحب ؟

فهل أمره ملزم لنا ؟ هل لا يقدم على قوله قول أحد عندنا ؟ هل سنته هي منهاج حياتنا ؟

 

 

 

(د) أن لا نقدم قول أحد من البشر على قوله  صلى الله عليه وسلم .

لما سئل ابن عباس في مسألة فأفتى بكلام النبي  صلى الله عليه وسلم فقيل له : لكنّ أبا بكر يقول كذا وعمر يقول كذا !! فغضب ، وقال : يوشك أن تنزل بكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم وتقولون : قال أبو بكر وعمر !!...) [ زاد المعاد (2/176) ]

هذا في حق أبي بكر وعمر فكيف بمن جاء بعدهما ؟!

وقال الحميدي: "كنا عند الشافعي رحمه الله فأتاه رجل، فسأله في مسألة؟ فقال: قضى فيها رسول الله  صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فقال رجل للشافعي: ما تقول أنت؟! فقال: سبحان الله ! أتراني في كنيسة ! أتراني في بيعة ! أترى على وسطي زنارا ؟!

أقول لك: قضى فيها رسول الله  صلى الله عليه وسلم وأنت تقول: ما تقول أنت ؟! "

 

 

 

(هـ)  كثرة الصلاة عليه .

فقد حثنا ربنا على ذلك فقال : }إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {[ الأحزاب: 57].

وقال  صلى الله عليه وسلم : }من صلى عليَّ حين يصبح عشرا ، وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة {[ رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني ]

وقال  صلى الله عليه وسلم : }من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات ، وحط عنه عشر خطيئات ، ورفع له عشر درجات  {[ رواه النسائي وصححه الألباني ]

وقال  صلى الله عليه وسلم :  }أكثروا الصلاة علي ، فإن الله وكل بي ملكا عند قبري ، فإذا صلى علي رجل من أمتي ، قال ذلك الملك : يا محمد .. إنَّ فلان بن فلان صلى عليك الساعة {[ رواه الديلمي وحسنه الألباني]

لما مات أحمد بن منصور الحافظ، جاء إلى أبي رجل، فقال: رأيته في النوم وهو في المحراب واقف بجامع شيراز، وعليه حلة وعلى رأسه تاج مكلل بالجوهر، فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي وأكرمني، قلت: بماذا ؟ قال: بكثرة صلاتي على رسول الله  صلى الله عليه وسلم . [ سير أعلام النبلاء : (16/473) ]

 

 

(و) مطالعة أخباره ودراسة سيرته  في كل وقت

فالمحبة تنتج عن المعرفة ،  فماذا تعرف عن حبيبك محمد  صلى الله عليه وسلم ؟! إننا نحتاج أن نتدارس سيرته ؛ ليكون خير أسوة وقدوة لنا في جميع أحوالنا ، فاقتنِ كتب السيرة وتذاكرها ، مثل : " مختصر سيرة ابن هشام " ، " الرحيق المختوم "  للمباركفوري ،  " هذا الحبيب يا محب " للشيخ / أبو بكر الجزائري ، " وقفات تربوية في السيرة النبوية " للشيخ/ أحمد فريد ،      " صحيح السيرة النبوية " لإبراهيم العلي .

استمع لسلاسل الدروس الصوتية في شرح السيرة لمن تصغي إليه من الدعاة ، وهي كثيرة بفضل الله تعالى .




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق