إن التطرف صفة ذميمة في كل الأمور؛لهذا نجد أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلمـ يحب الاعتدال في أمور الدين، فما بالك في باقي الأمور الحياتية الأخرى، والتي أهمها العملية التربوية؟
فعَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا. فَمَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غَضِبَ فِى مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ »[1]..
وعن عَمْرَو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ، قَالَ:فَأَخَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَصَلَّى مَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا فَتَقَدَّمَ لَيَؤُمَّنَا، فَافْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ تَنَحَّى فَصَلَّى وَحْدَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقُلْنَا لَهُ:مَا لَكَ يَا فُلاَنُ، أَنَافَقْتَ ؟ قَالَ:مَا نَافَقْتُ، وَلَآتِيَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَأُخْبِرَنَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مُعَاذًا يُصَلِّي مَعَكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّنَا، وَإِنَّكَ أَخَّرْتَ الْعِشَاءَ الْبَارِحَةَ فَصَلَّى مَعَكَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا فَتَقَدَّمَ لَيَؤُمَّنَا، فَافْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ تَنَحَّيْتُ فَصَلَّيْتُ وَحْدِي، أَيْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّمَا نَحْنُ أَصْحَابُ نَوَاضِحَ، وَإِنَّمَا نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ ؟ أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ ؟ اقْرَأْ بِسُورَةِ كَذَا وَسُورَةِ كَذَا قَالَ عَمْرٌو:وَأَمَرَهُ بِسُوَرٍ قِصَارٍ لاَ أَحْفَظُهَا، قَالَ سُفْيَانُ:فَقُلْنَا لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ:إِنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُمْ:إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:اقْرَأْ بِالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، قَالَ عَمْرٌو نَحْوَ هَذَا."[2]
وفيه وجوب تخفيف صلاة الجماعة مع الإئتمام.
وغضبه صلى الله عليه وسلم على المثقلين، وعدُّه هذا من الفتنة. وجواز تطويل صلاة المنفرد ما شاء، وقيد بأن لا يخرج الوقت وهو في الصلاة. وذلك كيلا تصطدم مصلحة المبالغة بالتطويل من أجل كمال الصلاة مع مفسدة إيقاع الصلاة في غير وقتها.ووجوب مراعاة العاجزين وأصحاب الحاجات في الصلاة.وأنه لا بأس بإطالة الصلاة، إذا كان عدد المأمومين ينحصر وآثروا التطويل. وأنه ينبغي للإنسان أن يسهل على الناس طريق الخير، ويحببه إليهم، ويرغبهم فيه، لأن هذا من التأليف، ومن الدعاية الحسنة الإسلام.[3]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - صحيح مسلم- المكنز - (1072 )
[2] - صحيح ابن حبان - (6 / 160) (2400) صحيح
[3] - تيسير العلام شرح عمدة الحكام- للبسام - (1 / 118)
المقال السابق
المقال التالى