عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : تخلف عنا النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها ، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ، ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته : (( ويل للأعقاب من النار )) مرتين أو ثلاثا . متفق عليه واللفظ للبخاري (1
قال الحافظ بان حجر ـ رحمه الله ـ في الفتح : وفي الحديث تعليم الجاهل ورفع الصوت بالإنكار ، وتكرار المسألة لتفهم ))(2).
ونقل الحافظ عن ابن أبطال أنه قال : (( كأن الصحابة أخروا الصلاة في أول الوقت طمعا أن يلحقه النبي صلى الله عليه وسلم فيصلوا معه ، لما ضاق الوقت بادروا إلى الوضوء ولعجلتهم لم يسبغوه ، فأدركهم على ذلك فأنكر عليهم )) (3).
وهكذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على المتوضئ في حديث عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ عندما قصر في الوضوء بعبارة تشعره بأهميته وهي الويل والخسران لمن ترك غسل العراقيب أو أي عضو في الوضوء ، لأن في تركه إبطال لصلاته ، وبطلان الصلاة يجعل صاحبها كأنه لم يؤد هذه العبادة لأن كمال الصلاة بكمال الوضوء وصحة الصلاة لا تكون إلا بصحة الوضوء .
كما أنه صلى الله عليه وسلم أنكر على الرجل بطريقة حكيمة جعلته يشعر بخطئه دون أن يشعر الآخرين ، وفهم الصحابي ما أمره صلى الله عليه وسلم به فذهب وتوضأ فأحسن وضوءه .
فعلى المحتسب أن يأخذ بهذا التعليم والإرشاد والتوجيه الذين يستخدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فإذا رأى وهو في المسجد متوضئ ـ قد قصر في وضوئه أن ينكر عليه فعله وأن يعلمه طريقة الوضوء ولا يعنف ولا يلفظ في ذلك بل عليه الحلم والصبر .
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري كتاب العلم ) (1/143/ح60) ، ومسلم في صحيحه كتاب الطهارة (1/214/241) .
(2) - فتح الباري شرح صحيح البخاري ( 1/266 ) .
(3) - المصدر السابق ( 1/265 ) .
المقال السابق
المقال التالى