عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية - دكتور راغب السرجاني
تاريخ الاضافة 2010-11-09 01:40:12
المقال مترجم الى
English    Español    עברית   
المشاهدات 7524
أرسل هذه الصفحة إلى صديق باللغة
English    Español    עברית   
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

حرية الاعتقاد من قواعد الإسلام

في قاعدة أساسية صريحة بالنسبة للحرية الدينية أو حرية الاعتقاد في الإسلام يقول الله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}[البقرة: 256]،فلم يأمر الرسول -والمسلمون مِنْ بَعْدِه- أحدًا باعتناق الإسلام قسرًا، كما لم يُلْجِئُوا الناس للتظاهر به هربًا من الموت أو العذاب؛ إذ كيف يصنعون ذلك وهم يعلمون أن إسلام المُكرَه لا قيمة له في أحكام الآخرة، وهي التي يسعى إليها كل مسلم؟!

وقد جاء في سبب نزول الآية السابقة: عن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مقلاتًا (هي المرأة التي لا يعيش لها ولد) فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أُجْلِيَتْ بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا. فأنزل الله u:{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ[1].

 

قضية الإيمان ومشيئة الإنسان

جعل الإسلام قضية الإيمان أو عدمه من الأمور المرتبطة بمشيئة الإنسان نفسه واقتناعه الداخلي؛ فقال سبحانه: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: 29]. ولَفَتَ القرآنُ نظر النبي إلى هذه الحقيقة، وبَيَّنَ له أن عليه تبليغ الدعوة فقط، وأنه لا سلطان له على تحويل الناس إلى الإسلام فقال: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[يونس: 99]، وقال: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ}[الغاشية: 22]، وقال: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاَغُ} [ الشورى: 48]،ومن ذلك يَتَّضِح أن دستور المسلمين يُقَرِّرُ حرية الاعتقاد، ويرفض رفضًا قاطعًا إكراه أَحَدٍ على اعتناق الإسلام[2].

 

التعددية الدينية في الإسلام

إن إقرار الحرية الدينية يعني الاعتراف بالتَّعَدُّدِيَّة الدينية، وقد جاء ذلك تطبيقًا عمليًّا حين أقرَّ النبي rالحرية الدينية في أوَّل دستور للمدينة، وذلك حينما اعترف لليهود بأنهم يُشَكِّلُون مع المسلمين أُمَّةً واحدة، وأيضًا في فتح مكةحين لم يُجْبِرِ الرسول rقريشًا على اعتناق الإسلام، رغم تمكُّنه وانتصاره، ولكنه قال لهم: "اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ"[3].وعلى دربه أعطى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب للنصارى من سكان القدس الأمان "على حياتهم وكنائسهم وصلبانهم، لا يُضَارُّ أحدٌ منهم ولا يرغم بسبب دينه"[4].

بل إن الإسلام كفل حرية المناقشات الدينية على أساس موضوعي بعيد عن المهاترات أو السخرية من الآخرين، وفي ذلك يقول الله u: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْـحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل: 125]. وعلى أساس من هذه المبادئ السمحة ينبغي أن يكون الحوار بين المسلمين وغير المسلمين، وقد وَجَّه القرآن هذه الدعوة إلى الحوار إلى أهل الكتاب فقال: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[الكافرون: 6]. ومعنى هذا أن الحوار إذا لم يَصِلْ إلى نتيجة فلكلٍّ دينه الذي يقتنع به، وهذا ما عَبَّرَتْ عنه أيضًا الآية الأخيرة من سورة (الكافرون) التي خُتِمَتْ بقوله تعالى للمشركين على لسان محمد r: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}

[الكافرون: 6][5]

 

موقع قصة الإسلام

[1]أبو داود: كتاب الجهاد، باب في الأسير يكره على الإسلام (2682) ، وانظر: الواحدي: أسباب نزول القرآن ص52، والسيوطي: لباب النزول ص37، وقال الألباني: صحيح. انظر: صحيح وضعيف سنن أبي داود 6/182.

[2]انظر: محمود حمدي زقزوق: حقائق إسلامية في مواجهة حملات التشكيك ص33.

[3]ابن هشام: السيرة النبوية 2/411، والطبري: تاريخ الأمم والملوك 2/55، وابن كثير: البداية والنهاية 4/301.

([4])انظر: الطبري: تاريخ الأمم والملوك 3/105.

([5])محمود حمدي زقزوق: حقائق إسلامية في مواجهة حملات التشكيك ص85، 86.




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق