من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للعروسين في ليلة الزفاف كما ورد في السنة النبوية : اللهو المباح.
تروي عائشة – رضي الله عنها – أنها زفَّت إمرأة إلى رجلٍ من الأنصار، فقال نبي الله : "يا عائشة، ما كان معكم لهو؟، فإن الأنصار يعجبهم اللهو " ١
وفي روايةٍ أخرى : أن النبي قال : (( مافعلت فلانة؟ )) ليتيمةٍ كانت عندها.
فقالت أهديناها إلى زوجها، فقال: (( هل بعثتم معها جارية تضر ب الد ف وتغني )) .
قالت: ماذا تقول؟قال:" تقول :
أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم
لولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم
لولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم 2
وتقول الرُّبيع بنت معوذ – رضي الله عنها - : جاء رسول الله فدخل علي صبيحة بُنِيَ بي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، فجعلن
جويريات يضربن بدفًّ لهن، ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر، إلى أن قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في الغد .فقال عليه الصلاة والسلام: (( دعي هذا، وقولي الذي كنت تقولين)) 3
((بُنِيَ بي )) : البناء هو الدخول بالزوجة، وبيَّن ابن سعد في الطبقات الكبرى ( ٨ /٤٤٧ )أنها تزوجت حينئذٍ إياس بن البكير، وأنها ولدت له محمد بن إياس.
(( كمجلسك )) أي : مكانك، وهو محمو ٌل على أن ذلك كان من وراء حجاب، أو كان قبل نزول آية الحجاب، أو جاز النظر للحاجة أو عند الأمن من الفتنة.
قال ابن حجر العسقلاني : والأخير هو المعتمد، والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها وهو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام بنت ملحان في دخوله
عليها ، ونومِه عندها وتَفْلِيتها رأسه، ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية.
وجوز الكرماني أن تكون الرواية : (( مجَلسَك )) بفتح اللام، أي :جلوسك ولا إشكال فيها 4
(( يندُبْن )) من النُّدْبه بضم النون، وهي ذكر أوصاف الميت بالثناء عليه، وتعديد محاسنه بالكرم والشجاعة ونحوها، وهو مما يهيج الشوق
إليه، والبكاء عليه.ويؤخذ من هذه الوصية النبوية :إعلان النكاح، وضربُ الدف فيه مستحب.
جواز سماع الضرب بالدف صبيحة العرس.
حرمة نسبة علم الغيب لأحدٍ من المخلوقين.
إقبال الإمام إلى العرس، وإن كان فيه لهو ما لم يخرج عن حد اُلمباح.جواز مدحِ الرجل في وجهه ما لم يخرج إلى ما ليس فيه.
للعروسين في ليلة الزفاف، سائلا ربي المزيد من التوفيق
----------
1-حديث صحيح . أخرجه البخاري (5162 ), الحاكم (2/ 184) , والبيهقي ( 7 / 288 ) في سننه الكبرى
2-حديث حسن لغيره . رواه الطبراني في الأوسط كما في المجمع ( 4/ 289 ) وسنده فيه ضعف ، وله شواهد عن أنس بن مالك ، وجابر ، وابن عباس ، وعائشة رضي الله عنهم .
3-حديث صحيح أخرجه البخاري ( 4001) ، ( 5147) وأبو داود ( 4922) وابن ماجة ( 1897 ) ، البغوي ( 2265 ) في شرح السنة ، والبيهقي ( 7/ 289 ) وأخرجه ابن سعد (8/477) في طبقاته ، وأحمد ( 2/ 360 ) بلفظ : "أما هذا فلا تقولوه " وأخرجه الترمذي (1096 ) بلفظ " اسكتى عن هذا وقولي الذي كنتِ تقولين " .
4- فتح الباري ( 9/ 203 )
المقال السابق
المقال التالى