مفهوم التربية في الإسلام
التربية في اللغة: مشتقَّةٌ من الفعل (رَبَبْ) والاسم (الرَّب) ويطلق على: المالك والسيد المطاع والمصلح ([1]) والتربية مأخوذة من المعنى الثالث وهو الإصلاح.
ومن تعريفات التربية في الاصطلاح: " تنشئةُ وتكوينُ إنسانٍ سليم مُسلم متكامل من جميع نواحيه المختلفة، من الناحية الصحية والعقلية والاعتقادية، والروحية الاعتقادية، والإدارية والإبداعية " ([2])
" ومعنى التربية يشبه عمل الفلاح الذي يقلع الشوك: ويخرج النباتات الأجنبية من بين الزرع ليحسن نباته " ([3])
مكانة التربية في الإسلام
في دلت الآيات والأحاديث على فضل تربية الولد، ومنها قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ([4])
قال قتادة - رحمه الله-: "تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله وأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به وتساعدهم عليه، فإذا رأيت معصية قذعتهم عنها، وزجرتهم عنها " ([5]) وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها... } ([6]) ([7]) .
وقال صلى الله عليه وسلم : { ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يُحطها بنصحه إلا لم يرح رائحة الجنة } ([8]) ([9]) .
وقال ابن عمر - رضي الله عنهما-: " أدب ابنك فإنك مسئول عنه، ماذا أدَّبته؟ وماذا علَّمته؟ وهو مسئول عن برّك وطواعيته لك " ([10]) .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن التربية خير من الصدقة فقال: { لأن يؤدِّب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع } ([11]) ([12]) كما أرشد إلى أن تعليم الولد الخُلُقَ الحسن أفضل من كل عطاء فقال: { ما نَحَل ([13]) والدٌ ولداً أفضل من أدب حسن } ([14]) .
وأما تربية البنات فهي حجاب عن النار، فعن جابر بن عبد اللّه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من كان له ثلاث بنات: يؤدبهن، ويكفيهن، ويرحمهن، فقد وجبت له الجنة. فقال رجل من بعض القوم: وثنتين يا رسول الله؟ قال:وثنتين } ([15]) ([16]) .
------------------------
([1]) انظر: لسان العرب لابن منظور: 1/400، 401 مادة (ربب)، والقاموس المحيط للفيروزأبادي: ص111.
([2]) أهداف التربية الإسلامية وغاياتها. مقداد يالجن: ص 20.
([3]) رسالة أيها الولد: الغزالي: ص 34.
([4]) سورة التحريم: آية رقم (6).
([5]) تفسير ابن كثير: 4/ 391.
([6]) البخاري الجمعة (853)، مسلم الإمارة (1829)، الترمذي الجهاد (1705)، أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2928)، أحمد (2/121).
([7]) أخرجه البخاري كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، رقم الحديث (855): 6/14، وأخرجه أحمد في مسنده: 2/5، 54، 55.
([8]) البخاري الأحكام (6731)، مسلم الإيمان (142)، أحمد (5/27)، الدارمي الرقاق (2796).
([9]) رواه البخاري كتاب الأحكام، باب من استرعى رعية فلم ينصح، رقم الحديث (6716) 24/199، ومسلم في صحيحه: كتاب الإمارة، باب فضيلة الأمير العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق: 12/214، ورواه أحمد في مسنده 2 / 15.
([10]) تحفة المودود بأحكام المولود: ابن القيم: ص 177.
([11]) الترمذي البر والصلة (1951)، أحمد (5/96).
([12]) أخرجه أحمد في مسنده: 5/96، والترمذي: كتاب البر والصلة: 4/337، والحاكم في المستدرك: 4/263، والطبراني: 2/274.
([13]) نحل: أي أعطى.
([14]) رواه الترمذي في سننه: كتاب البر والصلة: 4/337- 338.
([15]) الترمذي البر والصلة (1916)، أبو داود الأدب (5147).
([16]) رواه مسلم: كتاب البر والصلة والأدب، باب فضل الإحسان إلى البنات: رقم الحديث 2629.