بعد ولادة الطفل يستحب أن يؤذَّن في أذنه اليمنى، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حين أذَّن في أذن الحسن -رضي الله عنه ([1]) فيكون التوحيد أول شيء يقرع سمعه فيهرب الشيطان عنه منذ صغره، ويسن التهنئة فيقال: بورك في الموهوب وشكَرتَ الواهبَ، وبلغ أشدّه ورُزقت بره ([2]) ويُسن أن يذبح عنه عقيقةً يوم سابعه تفاؤلاً ببقائه وطول عمره، وهي مثل الأضحية في صفاتها إلا أنه لا يكسر عظمها، وطبخها أفضل من توزيعها وهي نيئة، ولا يشترك فيها اثنان لعدم ورود ذلك ([3]) وهذه العقيقة عن الغلام شاتان متقاربتان وعن الجارية واحدة ([4]) ويجوز تأخيرها عن وقتها إذا لم يجد ([5]) فتكون في الرابع عشر أو الحادي والعشرين أو بعدها.
ولهذه السنة فوائد منها:
أن الشيطان يتعلق بالطفل من لحظة خروجه إلى الدنيا ليبعده عن الفطرة فتكون العقيقة سبباً لفك رهانه من الشيطان، وفداء له من حبسه ([6]) لقول الرسول صلى الله عليه وسلم { كل غلام رهينة بعقيقة تذبح عنه يوم سابعه } ([7]) ([8]) ويجب على المربي تسمية الطفل بالاسم المشروع، وتكون التسمية بعد الولادة مباشرة أو يوم سابعه ([9]) ويجب أن يختار من الأسماء أحسنها لأن الطفل إذا وعي وكان اسمه حسناً أحب أن يتوافق عمله وخلقه مع اسمه الحسن وكره أن يكون خلاف ذلك ([10]) والتسمية حق الأب ولكن استشارة أمه وإخوانه تحقِّق الألفة ([11]).
وأحب الأسماء إلى الله عبد اللّه وعبد الرحمن ثم كل اسم عُبِّد لله، ثم التسمي بأسماء الأنبياء والرسل، ثم بأسماء الصالحين، ثم بكل اسم مباح لم يحرمه الشارع، ويحرم كل اسم معبد لغير الله: كعبد النبي وعبد الكعبة وغيرهما، والتسمي بأسماء الكفار ورءوسهم: كالفراعنة والجبابرة، وبما نهي عنه كالتسمي: بملك الأملاك وقاضي القضاة وحاكم الحكام، والتسمي بأسماء الشياطين كخنزب والولهان والأعور والأجدع والحباب، والأسماء المشتملة على تزكية: كبَرَّة وأفلحَ ويسار ونجيح وبركة ويعلى، ويلحق بها: إيمان وهدى وملاك وغيرها، ومما نهي عنه الأسماء المشتملة على معنى مكروه: كحرب وحية ومرة وحزن وعاصية وغيرها، ويكره التسمي بأسماء الملائكة ([12]).
ويَحرم اسم: سيد ولد آدم أو سيد البشر لأن هذا للرسول صلى الله عليه وسلم. وأما النهي عن الجمع بين كنيته واسمه فقد كان في حياته، إذ بعد موته سمي أربعة من أبناء الصحابة بمحمد وكنوا بأبي القاسم ([13]) ويمكن القياس على ذلك في تسمية البنات فتسمى بأسماء الصالحات من الأمم السابقة أو من الصحابيات والصالحات بعدهن: كآسية وهاجر وسارة ومريم وزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وبناته.
ويثبت للطفل نسبه بولادته لأنه يترتب على ذلك حقوق شرعية أخرى كالولاية والحضانة والرضاعة والإرث والوصية والوقف والهبَة والنفقة وغيرها مما يعد حقاً للطفل وحقاً للأبوين والإخوة والأقارب ([14]).
ويثبت النسب بولادة الطفل من أمه المتزوجة أو المعتدة بعد دخول الزوج بستة أشهر على الأقل، وإذا كان الولد مجهول النسب وادعاه رجل فيثبت له النسب بشرط أن يكون من الممكن أن يولد له ولد، وأن لا ينازعه فيه رجل آَخر، وهذه الأحكام مبسوطة في كتب الفقه ([15]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) انظر: تحفة المودود، ابن القيم، ص 21- 22.
([2]) انظر: المغني، ابن قدامة، 11/125.
([3]) انظر: الشرح الممتع، محمد بن صالح بن عثيمين، 7/539.
([4]) انظر: العدة شرح العمدة، بهاء الدين المقدسي، ص 210- 211.
([5]) انظر: الشرح الممتع، محمد بن صالح بن عثيمين، 7/536 - 537.
([6]) انظر: تحفة المودود، ابن القيم، ص 50.
([7]) الترمذي الأضاحي (1522)، النسائي العقيقة (4220)، أبو داود الضحايا (2838)، ابن ماجه الذبائح (3165)، أحمد (5/22)، الدارمي الأضاحي (1969).
([8]) انظر: أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأضاحي، باب في العقيقة: 3/259، رقم الحديث 2837.
([9]) انظر: الشرح الممتع، محمد بن صالح بن عثيمين، 7/540.
([10]) انظر: زاد المعاد، ابن القيم، 3/17.
([11]) انظر: الشرح الممتع، محمد بن صالح بن عثيمين، 7/545.
([12]) انظر: تحفة المودود، ابن القيم، ص 93- 99، والشرح الممتع: ابن عثيمين، 7/543- 545.
([13]) انظر: المرجع السابق.
([14]) انظر: الطفل في الشريعة الإسلامية، محمد الصالح، ص 76.
([15]) انظر: العدة شرح العمدة، بهاء الدين المقدسي، ص 432- 434.