نعرف عن محمَّدٍ رسولِ الله عليه الصلاة والسلام أكثرَ مِمَّا نعرِفُ عن سائر الأنبياء، لأنَّه آخرُهم؛ وقد عاش منذ 1400 سنةٍ فقط. وكان الناسُ قد غَيَّرُوا وشَوَّهوا جميعَ الدِّياناتِ التي أنزلَها اللهُ على أنبِيَائِه مِن قَبْلُ .ومِن أجل ذلك؛ فإنَّ الله أنزل القرآنَ - آخرَ الكُتُب السماوية - على النبيِّ مُحمَّد، حتى يُصحِّحَ جميعَ الأخطاء التي أُدخِلَت على الدِّياناتِ القديمة، وهو الكِتابُ الوحِيدُ الذي سوف يُحاسَبُ الناسُ عليه إلى يومِ القيامة، وقد بيَّن الله لنا فيهِ ما الذي يريده من عباده.
وقد واجَه نبيُّنا محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلم - مثل الأنبياء السابِقين - العديدَ من المصاعب أثناءَ تبليغه رسالةَ الله لِقومه. ووُجِّهَت لِلنَّبِيِّ العديدُ مِن الاتهامات التي لا أساس لها، رغم أنَّه لم يسأل قومَه أيَّ أجرٍ، ولم تكن له أيَّةُ رغَبَاتٍ دُنيَوِية.
وأُجبِر نبيُّنا على الهجرة مِن مكَّةَ - المدينةِ التي وُلِدَ فيها - وقد اُضْطُهِد المسلمون الأوائل الذين اتبَّعُوه، حتى أنَّ بعضَهم عُذِّبَ وتعرَّض لِمُعامَلة قاسِيَة، ولكنَّ اللهَ لم يَدَع الكفَّارَ يغيرون دين الإسلام، وظلَّ سليمًا مِن التحريف إلى يَومِنا هذا، تصديقاً لوعد الله في حفظ كلامِهِ الحكيم وكتابه العزيز؛ القرآنِ المجيد.
وتُوجَّهُ دعوةُ نبيِّنا محمَّدٍ عليه الصلاة والسلام إلى جميعِ الناس الأحياء في عصرنا هذا، وقد أمَرَ الله جميعَ الناس بِطاعَةِ الرُّسُلِ، وأكَّد في العَدِيدِ مِن الآيات أنَّ طاعةَ رُسُلِه هي في الحقيقةِ طاعةٌ له سبحانه. ومِن أجل هذا تُعتَبَر طاعةُ نبيِّنا عليه الصلاة والسلام مِن أهمِّ مبادئِ الإسلام الأساسية. ويُعتَبَرُ خُضُوعُ القَلْب لأوامر النبيِّ عليه الصلاة والسلام انعكاسًا لطاعة المَرْءِ لله.
ويُعرِّفُنا اللهُ في القرآن الكريم بالصِّفات المتفوِّقة لنبيِّنا الذي كان مَثَلاً وقُدوَةً لِكلِّ الناس، وفيما يلي بعضاً من هذه الآيات.
(لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (سورة التوبة: 128 - 129 )
(مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (سورة الأحزاب: 40 )
(لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (سورة آل عمران: 164)
أمَرَ اللهُ النبِيَّ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم أنْ يُوصِلَ رسالةَ الله إلى الناس مِن خلال آياتِه التي تبدأ بكلمة "قُل..."، وبلَّغ نبيُّنَا محمدٌ صلى الله عليه وسلم الرسالةَ للناس من خلال تلك الآيات، وجميعِ آيات القرآن .وقد أخبرتنا زوجتُه عائشة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ "كان خُلُقه القرآن" قاصِدَةً بذلك أنَّه أستوعب القرآن بصورة كاملة ونعلم أنَّ سنَّة النبيِّ هي التطبيقُ العَمَلِيُّ لتعاليم القرآن والامتثال بأوامر الله .ويُقرِّرُ الله في إحدى آيات القرآن أنَّه على عباده الذين يخافُونَه ويريدون مَغفِرَتَه؛ طاعةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران: 31 )
وكما توضِّح الآيةُ السابقة، أنَّه إذا ما أردنا أن يُحِبَّنا الله، فيجب علينا أن نمتَثِل بِما يدعونا إليه نبيُّنا، ونُمارِسَ تعاليمَه بِمُنتهى الدِّقة.
المقال السابق