عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 

شبهة أن شدة تفكير محمد صلى الله عليه وسلم فيما عليه قومه من شرك وضلال خلق في ذهنه فكرة دين جديد

 

وذكر المستشرق الألماني بروكلمان أن شدة تفكير محمد، صلى الله عليه وسلم  فيما عليه قومه من شرك وضلال خلق في ذهنه فكرة دين جديد يصلح به حال العباد والبلاد، يقول بروكلمان أغلب الظن أن محمداً صلى الله عليه وسلم   قد انصرف إلى التفكير في المسائل الدينية في فترة مبكرة جداً، وهو أمر لم يكن مستغرباً عند أصحاب النفوس الصافية من معاصريه الذين قصرت العبادة الوثنية عن إرواء ظمئهم الروحي

الرد

إن هذه الصورة التي حدَّد معالمها هؤلاء المستشرقون، تتسم بكثير من المغالطات والأكاذيب والادعاءات الزائفة التي ملاكها الجهل بسيرة محمد، صلى الله عليه وسلم   التي تخبرنا أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يلتفت إلى أمر النبوة ولم يعبأ بها ولم يسع إليها، بل كان منذ طفولته ميالاً إلى الوحدة، تواقاً إلى العزلة، مبتعداً عن جهالة قومه وضلالاتهم، تاركاً عبادتهم، فلم يعبد معهم صنماً ولا عظَّم وثناً .

 

ويقول محمد رشيد رضا ،التحقيق في صفة حال محمد، صلى الله عليه وسلم    من أول نشأته، وإعداد الله تعالى إيَّاه لنبوته ورسالته: هو أنه خلقه كامل الفطرة ليبعثه بدين الفطرة، وأنه خلقه كامل العقل الاستقلالي ليبعثه متمماً لمكارم الأخلاق، وأنه بغَّض إليه الوثنية وخرافات أهلها ورذائلهم من صغر سنه، وحبَّب إليه العزلة حتى لا تأنس نفسه بشيء مما يتنافسون فيه من الشهوات والملذات البدنية، أو منكرات القوة الوحشية، كسفك الدماء والبغي على الناس، أو المطامع الدنيئة، كأكل أموال الناس بالباطل، ليبعثه مصلحاً لما فسد من أنفس الناس، ومزكِّياً لهم بالتأسي به وجعله المثل البشري الأعلى لتنفيذ ما يوجهه إليه الشرع الأعلى·

 

  نستنتج من هذا، أن محمداً، صلى الله عليه وسلم   كان غافلاً عن أمر الوحي، لم يفكر فيه قطعاً ولم يبحث عنه، فلو كان الأمر كما يدَّعون، ما كان له أن يشعر بالرعب والخوف عندما رأى جبريل ـ عليه السلام ـ وسمع صوته حتى إنه قطع خلوته، وعاد إلى بيته مسرعاً·

 

وتروي أحاديث بدء الوحي أن النبي، صلى الله عليه وسلم، خاف على نفسه لما رأى الملك للمرة الأولى، ولم تجد زوجته خديجة، رضي الله عنها، أمامها من وسيلة لتهدئ من روعه ـ عليه الصلاة والسلام ـ سوى أن تذكِّره بما سلف من عمله الصالح، وخلقه الطيب، فقالت: كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتُكْسِب المعدوم، وتُقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق ، ثم أخذته بعد ذلك إلى ابن عمها ورقة بن نوفل ليفسر له الحال التي كان عليها ويطمئنه على نفسه، فقال له ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله على موسى، يا ليتني جذعاً، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أوَ مُخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي، وإن يدركني يومك لأنصرك نصراً مؤزراً·

 

 

 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق