بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
يتساءل البعض من غير المسلمين ولا سيما من الغربيين عن ما قدمه محمد صلى الله عليه وسلم للبشرية في ظل تشويه متعمد في كثير من المصادر الغربية لشخصية هذا النبي الكريم وانطلاقاً من مسئوليات البرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم فإننا نرى أن من المتعين علينا أن نجيب عن هذا التساؤل دون الدخول في التفاصيل ، وأن نقدم نبذة مختصرة مما قدمه خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للعالم وذلك في النقاط التالية
نقل محمد محمد صلى الله عليه وسلم البشر ـــ بوحي الله إليه ـــ من عبودية البشر والخضوع لهم إلى عبودية الله وحده لا شريك له فأصبح الإنسان حراً من عبودية غير الله تعالى وهذا أعظم تكريم للإنسان:
حرر محمد محمد صلى الله عليه وسلم عقول البشر ـــ بوحي من الله ـــ من الخضوع للخرافات والدجل والارتهان للأصنام والمعبودات الباطلة أو التصديق بأفكار مناقضة للعقل كالقول بأن لله ابناً من البشر وبأنه ضحى به دون خطيئة أو ذنب منه فداءاً للبشر
أرسى محمد صلى الله عليه وسلم دعائم التسامح بين البشر ـــ وأوحى الله إليه في القرآن ـــ أن لا إكراه في الدين و بين صلى الله عليه وسلم حقوق غير المسلمين الذين لا يحاربون المسلمين وأن لهم الأمن على أنفسهم، وأبنائهم، وأعراضهم ، وأموالهم ، وفي بلاد المسلمين إلى اليوم رعايا من اليهود والنصارى يعيشون حياة كريمة ، بينما قضت محاكم التفتيش على وجود المسلمين في أسبانيا في تطهير عرقي مخالف للمبادئ المعلنة في الحضارة الغربية
كان محمد صلى الله عليه وسلم رحمة من الله للعالمين على اختلاف أديانهم وأعراقهم بل إن في تعاليمه ما يؤكد على الرحمة للطيور والحيوانات وعلى تحريم الإضرار بها دون حق والاعتداء عليها
قدّم محمد صلى الله عليه وسلم صورة مشرقة من صور الاحترام والتقدير لجميع الأنبياء الذين سبقوه ومنهم إبراهيم وموسى وعيسى (عليهم الصلاة والسلام)، بل أوحى الله إليه نصاً على أن من كذَّب أحداً منهم أو انتقصه فإنه ليس بمسلم فالأنبياء جميعاً إخوة يشتركون في دعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له
دافع محمد صلى الله عليه وسلم عن حقوق الإنسان ذكراً كان أو أنثى صغيراً كان أو كبيراً وبغض النظر عن مكانته الاجتماعية أو مستواه المعيشي ، وقرر جملة من المبادئ السامية في هذا المجال ومن ذلك نصه في خطبة حجة الوداع التي توفي بعدها بأقل من ثلاثة أشهر على شدة تحريم الاعتداء على الدماء والأموال والأعراض وذلك قبل أن يعرف العالم قانون الشرط الكبير عام 1215م ووثيقة إعلان الحقوق عام 1628م وقانون تحرير الجسد عام 1679م وإعلان الاستقلال الأمريكي عام 1776م ووثيقة حقوق الإنسان والمواطن عام 1789م والإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م
رفع محمد صلى الله عليه وسلم من شأن الأخلاق في حياة الإنسان فدعا إلى الأخلاق الكريمة وحماها مثل الصدق والوفاء والعفاف ، ودعا إلى توثيق الروابط الاجتماعية مثل بر الوالدين وصلة الأقارب وطبق ذلك عملياً ، ونهى عن الأخلاق السيئة وابتعد عنها وحذر منها مثل الكذب والغدر والحسد والزنا وعقوق الوالدين، وعالج المشكلات الناتجة عنها
دعا محمد صلى الله عليه وسلم ـــ بوحي من الله تعالى ـــ إلى إعمال العقل واكتشاف الكون واكتساب المعرفة وعدّ ذلك مما يُثاب عليه الإنسان في حين كان العلماء والمفكرون يعانون في حضارات أخرى من الاضطهاد والاتهام بالتجديف والهرطقة ، ويتم إرهابهم بالسجن والتعذيب وربما القتل
جاء محمد صلى الله عليه وسلم ـــ بوحي من الله ـــ بدين موافق للفطرة البشرية الطبيعية يراعي حاجات الروح ومطالب الجسد ويوازن بين العمل للدنيا والعمل للآخرة ، يُهذب غرائز الإنسان ونوازعه ولا يكبتها أو يلغيها كما حصل في حضارات أمم أخرى أغرقت في المثاليات المخالفة للفطرة البشرية وحرمت الراغبين في التعبد والتنسك من حقوقهم الفطرية كالزواج ، ومن ردّات فعلهم البشرية الطبيعية على الاعتداء ودعتهم إلى عدم الرد مع المعتدين مما أدى إلى نفور الغالبية من أبناء تلك الحضارة عن تلك التعاليم وإيغالهم في عالم المادية المجردة التي تلبي مطالب الجسد وتترك الروح في وحشة كبيرة
.قدّم محمد صلى الله عليه وسلم للبشرية النموذج المتكامل في الأخوة بين بني البشر وأخبر أنه لا فضل لجنس بشري على جنس آخر فكلهم متساوون في أصل الخلقة والحقوق والواجبات، وإنما يكون التفاضل بمقدار الإيمان والتقوى، وأتاح الفرصة المتساوية بين أصحابه لخدمة الدين والانتماء إليه فكان منهم صهيب الرومي ، وبلال الحبشي ، وسلمان الفارسي جنباً إلى جنب مع إخوانهم من العرب