عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

أصول الدين عند الإمامية أربعة:التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة(1 ) اختلاف الشيعة الإمامية في توحيدهم

قدماء الإمامية غلوا في التشبيه والتجسيم؛ فإن التشبيه والتجسيم المخالف للعقل والنقل لا يعرف في أحد من طوائف الأمة أكثر منه في طوائف الشيعة. وهذه كتب المقالات كلها تخبر عن أئمة الشيعة المتقدمين من المقالات المخالفة للعقل والنقل في التشبيه والتجسيم بما لا يعرف نظيره عن أحد من سائر الطوائف.
ومتأخروهم غلوا في النفي والتعطيل وأدخلوا في التوحيد نفي الصفات، والقول بأن القرآن مخلوق، وأن الله لا يُرى في الآخرة، وزعموا أن ذلك تنزيه.وما ذكروه من التنزيه إنما هو تعطيل وتنقيص لله. بيان ذلك أن قول الجهمية نفاة الصفات يتضمن وصف الله بسلب صفات الكمال التي يشابه فيها الجمادات والمعدومات.
فإذا قالوا: إنه لا يقوم به حياة ولا علم ولا قدرة ولا كلام ولا مشيئة ولا حب ولا بغض ولا رضا ولا سخط ولا يرى ولا يفعل بنفسه فعلاً ولا يقدر أن يتصرف بنفسه كانوا قد شبهوه بالجمادات المنقوصات، وسلبوه صفات الكمال؛ فكان هذا تنقيصًا وتعطيلاً لا تنزيهًا. وإنما التنزيه أن ينزه عن النقائص المنافية لصفات الكمال- فينزه عن الموت والسِّنَة والنوم والعجز والجهل والحاجة كما نزَّه نفسه في كتابه؛ فيجمع له بين إثبات صفات الكمال ونفي النقائص المنافية للكمال، وينزه في صفات الكمال أن يكون له فيها مثل من الأمثال(2 ).


متى حدث هذا الغلو وهذا التعطيل فيهم؟


كان متكلمو الشيعة كهشام بن الحكم وهشام الجواليقي ويونس بن عبدالرحمن القمي مولى آل يقطين وزرارة بن أعين وأبى مالك الحضرمي وعلي بن ميثم وطوائف كثيرين هم أئمة الإمامية قبل المفيد والطوسي والموسوي والحلي ... يزيدون في إثبات الصفات على مذهب أهل السنة بما يقوله أهل السنة والجماعة، فلا يمنعون بأن القرآن غير مخلوق؛ وأن الله يُرى في الآخرة وغير ذلك من مقالات أهل السنة والحديث حتى يبتدعون في الغلو في الإثبات والتجسيم والتنقيص والتمثيل ما هو معروف من مقالاتهم التي ذكرها الناس ويحكى عنهم فيه شناعات ... ولكن في أواخر المائة الثالثة دخل مَنْ دخل مِن الشيعة في أقوال المعتزلة كابن النوبختي صاحب كتاب «الآراء والديانات» وأمثاله.وجاء بعد هؤلاء المفيد بن النعمان وأتباعه كالموسوي الملقب بالمرتضى والطوسي.ولهذا نجد المصنفين في المقالات- كالأشعري- لا يذكرون عن أحد من الشيعة أنه وافق المعتزلة في توحيدهم وعدلهم إلا عن بعض متأخريهم؛ وربما يذكرون عن قدمائهم إثبات التجسيم وإثبات القدر وغيره.وأول من عرف في الإسلام أنه قال: إن الله جسم له طول وعرض وعمق هو هشام بن الحكم وهشام بن سالم كما تقدم ذكره( 3).وقد كان ابن الراوندي وأمثاله من المعروفين بالزندقة والإلحاد صنفوا لهم كتبًا أيضًا عن أصولهم. فإن كان هذا هو الحق فقدماؤهم كلهم ضُلاَّل، وإن كان ضلالاً فمتأخروهم هم الضلال(4 ).

 

متأخرو الرافضة أشبهوا النصارى في الشرك(5 )

الرافضة أشبهوا النصارى؛ فإن الله أمر بطاعة الرسل فيما أمروا به وتصديقهم فيما أخبروا به ونهى الخلق عن الغلو والإشراك بالله تعالى فبدلت النصارى دين الله تعالى فغلوا في المسيح فأشركوا به، وبدلوا دينه فعصوه، فصاروا خارجين عن أصلي الدين: وهما الإقرار لله بالوحدانية؛ ولرسله بالرسالة.فالغلو أخرجهم عن التوحيد حتى قالوا بالتثليث والاتحاد، وأخرجهم عن طاعة الرسول وتصديقه حيث أمرهم أن يعبدوا الله ربه وربهم فكذبوه في قوله إن الله ربه وعصوه فيما أمرهم به.

وكذلك الرافضة غلوا في الرسل بل في الأئمة حتى اتخذوهم أربابًا من دون الله- فتركوا عبادة الله وحده لا شريك له التي أمرهم بها الرسل، وكذبوا الرسول فيما أخبر به من توبة الأنبياء واستغفارهم- فتجدهم يعطلون المساجد التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه فلا يصلون فيها جماعة ولا جمعة، وليس لها عندهم كبير حرمة، وإن صلوا فيها صلوا فيها وحدهم.ويعظمون المشاهد المبنية على القبور فيعكفون عليها مشابهة للمشركين، ويحجون إليها كما يحج الحاج إلى البيت العتيق.ومنهم من يجعل الحج إليها أعظم من الحج إلى الكعبة؛ بل يسبون من لا يستغني بالحج إليها عن الحج الذي فرضه الله تعالى على عباده ومن لا يستغني بها عن الجمعة والجماعة، وهذا من جنس دين المشركين الذين يفضلون عبادة الأوثان على عبادة الرحمن، قال الله تعالى: " وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا "( 6).

وقد ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا»( 7).وقد قال قبل أن يموت بخمس: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك» [رواه مسلم]( 8) وقال: «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد»(9 ) وقال: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»(10 ).وقد صنف شيخهم ابن النعمان المعروف عندهم بالمفيد وهو شيخ الموسوي والطوسي كتابا سماه: «مناسك حج المشاهد» جعل قبور المخلوقين تحج كما تحج الكعبة البيت الحرام الذي جعله الله قيامًا للناس وهو أول بيت وضع للناس فلا يطاف إلا به ولا يصلى إلا إليه ولا يؤمر إلا بحجه.وساق الإمام ابن تيمية أحاديث إلى أن قال: والإسلام مبني على أصلين: أن لا نعبد إلا الله وأن نعبده بما شرع لا نعبده بالبدع.


فالنصارى خرجوا عن الأصلين: وكذلك المبتدعون من هذه الأمة من الرافضة وغيرهم( 11).ويوجد بعض هذا الغلو في طائفة من أهل النسك والزهد والعبادة.فإن قيل: ما وصفت به الرافضة من الغلو والشرك والبدع موجود كثير منه في كثير من المنتسبين إلى السنة، فإن في كثير منهم غلوًّا في مشايخهم وإشراكًا بهم وابتداعًا لعبادات غير مشروعة، وكثير منهم يقصد قبر من يحسن الظن به إما ليسأله حاجاته وإما ليسأل الله تعالى به، وإما لظنه أن الدعاء عند قبره أجوب منه في المساجد، ومنهم من يفضل زيارة قبور شيوخهم على الحج، ومنهم من يجد عند قبر من يعظمه من الرقة والخشوع ما لا يجده في المساجد والبيوت وغير ذلك مما يوجد في الشيعة، ويروون أحاديث مكذوبة من جنس أكاذيب الرافضة مثل قولهم: لو أحسن أحدكم ظنه بحجر نفعه الله به، وقولهم: إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور. وقولهم: قبر فلان الترياق المجرب. وروي عن بعض شيوخهم أنه قال لصاحبه: إذا كانت لك حاجة فتعال إلى قبري واستغث بي ونحو ذلك فإن في المشايخ من يفعل بعد مماته كما كان يفعل في حياته.

 


وقد يستغيث الشخص بواحد منهم فيتمثل له الشيطان في صورته إما حيًا وإما ميتًا وربما قضى حاجته أو يقضي بعض حاجاته كما يجري نحو ذلك للنصارى مع شيوخهم ولعباد الأصنام من العرب والهند والترك وغيرهم.قيل: هذا كله مما نهى الله عنه ورسوله، وكل ما نهى الله عنه ورسوله فهو مذموم منهي عنه سواء كان فاعله منتسبًا إلى سنة أو إلى تشيع، ولكن الأمور المذمومة المخالفة للكتاب والسنة في هذا وغيره هي في الرافضة أكثر منها في أهل السنة- فما يوجد في أهل السنة من الشر ففي الرافضة أكثر منه. وما يوجد في الرافضة من الخير ففي أهل السنة أكثر منه.


وهذا حال أهل الكتاب مع المسلمين- فما يوجد في المسلمين شر إلا وفي أهل الكتاب أكثر منه، ولا يوجد في أهل الكتاب خير إلا وفي المسلمين أعظم منه.ولهذا يذكر الله سبحانه مناظرة الكفار من المشركين وأهل الكتاب بالعدل، فإذا ذكروا عيبًا في المسلمين لم يبرئهم منه، لكن يبين أن عيوب الكفار أعظم، كما قال تعالى: " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ"(12).وقال تعالى: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ * قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ"( 13). أي من لعنه الله وجعل منهم الممسوخين وعبد الطاغوت.
ولهذا أكثر ما يوجد الغلو في طائفتين في النصارى والرافضة ويوجد أيضًا في طائفة ثالثة من أهل النسك والعبادة الذين يغلون في شيوخهم ويشركون بهم(14 ).

 

------------------------------------

 


( 1) وهم يدخلون في التوحيد نفي الصفات والقول بأن القرآن مخلوق وأن الله لا يُرى في الآخرة كما يأتي. ويدخلون في العدل التكذيب بالقدر. وعليهم مآخذ في النبوة. وأما الإمامة فقالوا فيها أسخف قول وأفسده في العقل والدين- كما يأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى.
(2 ) ج (4) ص (145) ج (1) ص (230، 29) ج (2) ص (335).
( 3) القول بأن الله جسم أو ليس بجسم مما تنازع فيه أهل الكلام والنظر وهي مسألة عقلية، والناس فيها على ثلاثة أقوال: نفي، وإثبات، ووقف وتفصيل، وهذا هو الصواب الذي عليه السلف والأئمة. وقد بسطه ابن تيمية رحمه الله في رسالته التدميرية وغيرها.
( 4) ج (1) ص (19، 20) ج (2) ص (96- 105) ج (1) ص (288، 229، 365، 257، 318، 319، 320) ج (1) ص (346، 348)
(5 ) ويأتي إن شاء الله ذكر مشابهتهم للنصارى في الرسالة عند ذكر إمامهم المنتظر.
(6 ) سورة نوح الآيتان: (23، 24).
( 7) أخرجه مسلم ك (5 ح (531) «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا. وأخرجه البخاري ك (8) ب (55).
(8 ) ك (5) ح (532) «ألا وإن من كان قبلكم» الحديث.
( 9) رواه أحمد وأبو حاتم في صحيحه.
( 10) رواه مالك في الموطأ.
(11 ) ج (1) ص (174- 179) ج (2) ص (115).
( 12) سورة البقرة آية: (217).
( 13) سورة المائدة الآيتان: (59، 60).
( 14) ج (1) ص (177- 179)، قلت: وقد قال حافظ إبراهيم يخاطب الشيخ محمد عبده

إمام الهدى إني أرى الناس أحدثوا   لهم بدعًا عنها الشريعة تعزف

رأوا في قبور الميتين حياتهم    فقاموا إلى تلك القبور وطَوَّفوا

وباتوا عليها عاكفين كأنهم   على صنم في الجاهلية عُكَّف

اهـ. من «مشكلات الأحاديث النبوية» تأليف عبدالله بن علي النجدي القصيمي (المطبعة الرحمانية بمصر عام 1353هـ).

 

 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق