(61) ويعلمهم صلى الله عليه وسلم الأذان والصلاة :
قال أبو محذورة : خرجت في عشرة فتيان مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أبغض الناس إلينا فأذنوا ،فقمنا نؤذن نستهزئ بهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" ائتوني بهؤلاء الفتيان " . فقال : أذنوا فأذنوا ، فكنت أحدهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "نعم هذا الذي سمعت صوته ، اذهب فأذن لأه مكة " فمسح على ناصيته ، ثم عمله الأذان وقال له : " أسمعت ؟" قال : وكان أو محذورة لا يجز ناصيته ولا يفرقها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح عليها .
أما الصلاة فقد أمر صلى الله عليه وسلم الآباء بتعليمها للأبناء عند سبع سنين ، وضربهم على تركها عند عشر قال صلى الله عليه وسلم : " علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين واضربوه عليها ابن عشر " .
وكان صلى الله عليه وسلم يصف الأطفال في الصف الأخير ويأمرهم بتسوية الصفوف . قال ابن مسعود رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ..
وكان يحذرهم صلى الله عليه وسلم من الالتفات في الصلاة فيقول : " هو اختلاف يختلسه الشيطان من صلاة العبد " . وكذلك يعلمهم ما يحتاجونه في الصلاة كما قال الحسن رضي الله عنه : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما أقولهن في الوتر : "اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت ، وصلى الله على النبي محمد " .
وكان صلى الله عليه وسلم يصحبهم للصلاة ويمسح خدودهم رحمه وإعجاباً بهم .
فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : صليت مع رسول اله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى ثم خرج إلى أهله وخرجت معه ، فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدي أحدهم وأحداً واحداً ، قال : وأما أنا فمسح خدي ، فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها صلى الله عليه وسلم من جونه عطار .
(62) ويعلمهم صلى الله عليه وسلم الجراة الأدبية والشجاعة :
وقد مر بنا موقف الطفل الذي كان في المجلس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم واشياخ عن يساره ، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم الصبي في أن يسقي الأشياخ قبله فرفض وتمسك بحقه لأنه عى اليمين ، ولم يعنفه النبي صلى الله عليه وسلم أو يعاتبه ، رغم أن هذا الموقف ربما يتهم كثير من المربين من يفعله في أيامنا هذه ؛ أنه لا يستحي أو عنده سوء أدب واحترام ! لكن هل يكفينا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم معلماً ومربياً ؟ . إنه يعلمهم الجراة الأدبية ما دامت ليس فيها تجاوز لحقوق الآخرين .
ولما مر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بأطفال يلعبون في طريق المدينة وفيهم عبد الله بن الزبير ، فلما رأى الأطفال عمر فروا إلا عبد الله ، فلما سأله عمر : لم لم تهرب مع الصبيان ؟ فقال بغير تردد : لست جانياً فأفر منك ، وليس في الطريق ضيق فأوسع لك .
وأيضاً فإن عمر رضي الله عنه تمنى لو تلكم ولده عبد الله في مجلس الكبار وحضرتهم حينما عرف إجابة سؤال سأله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرفه أحد غيره ، ولم يعجبه سكوت ابنه عبدالله لما رأى ابا بكر وعمر لا يتكلمان . إنه يريد أن يزيل عنه ظاهرة الخجل وأن يعلمه الجرأة الأدبية ؛ما دامت في حق وعلم ، ولم يتعد بها على حقوق الآخرين .
ومن الشجاعة الأدبية ألا يفعل الطفل الشيء خفية ، لأنه إنما يخفيه عن أبيه وأمه ، ومربيه ومربيته لا عتقاده أن هذا الفعل قبيح وا يجوز له فعله . قال الغزالي رحمه الله : ( وينبغي أن يمنع من كل ما يفعله في خفيه ؛ فإنه لا يخفيه إلا وهو يعتقد أنه قبيح ) .
(63) ويحث صلى الله عليه وسلم أئمة المساجد على تحفيف الصلاة لأجلهم :
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن منهم الصغير والكبير والضعيف والمريض ، فإذا صلى وحده فليصل كيف يشاء " .