لماذا يبيح الإسلام للمسلم أن يتزوج من الكتابيات, ويحرم ذلك على المسلمة؟
هذا سؤال جيد, ويدفع إليه المنطق السليم, وقبل أن نجيب على هذا السؤال نؤكد على أن الإسلام حرم على المسلمة أن تتزوج من غير المسلم, قال الله-تعالى-: "ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا, ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم" (البقرة 221)
تحريم زواج المسلمة من غير المسلم يرجع بشكل أساسي إلى أن المرأة عادة ما تتبع زوجها, والرجل عادة أكثر تأثيرا على زوجته من المرأة على زوجها, والإسلام دين له جملة من الأهداف منها هذان الهدفان:
الهدف الأول هو: أن يتعرف عليه الناس معرفة واضحة دون لبس ولا غموض تؤدي بهم إلى الإيمان بأنه الدين الحق, لذلك فقد أباح للمسلم أن يتزوج من غير مسلمة بشرط أن تكون من أهل الكتاب, يعني يهودية أو نصرانية, لأنها على أقل تقدير تؤمن بالله وبالوحي, بغض النظر عن طبيعة هذا الإيمان, ومن ثم فهي أقرب من غيرها إلى تفهم رسالة الإسلام, وخصوصا عندما ترتبط بزوج مسلم قولا وعملا, فإنها حين ترى من زوجها أخلاق الإسلام وسلوكه الطيب ومعاملته لها بالمعروف كما أمر الإسلام فربما يكون ذلك سببا في إسلامها, ولكن إذا أصرت على دينها فلها ذلك ولا يستطيع أحد أن يجبرها على غير ذلك, قال الله-عز وجل-: "لا إكراه في الدين" (البقرة 256)
الهدف الثاني للإسلام هو: أنه يريد المحافظة على أتباعه مرتبطين به, وبالتالي فهو لا يعرضهم إلى ما من شأنه أن يؤثر على إيمانهم به, وهو ما يسميه الإسلام (الفتنة في الدين) يقول الله-تعالى- "والفتنة أكبر من القتل" (البقرة 217)
وهذه الفتنة في الدين تأخذ أشكالا متنوعة, فقد تكون تعذيبا للإنسان المسلم تهدف إلى تغيير عقيدته, وقد تكون كما في حالتنا زواجا من رجل غير مسلم, أيا كان دينه, ولماذا الزواج من غير مسلم هو فتنة في الدين؟ لأن الرجل, كما قدمنا يكون عادة أكثر تأثيرا على المرأة, فربما أثر هذا الزوج غير المسلم على زوجته المسلمة تأثيرا سلبيا يدفعها إلى ترك دينها, أو على أقل تقدير, عدم الالتزام به وبأحكامه, وهو ما لا يريده الإسلام لأتباعه, بل يريد أن يوفر لهم البيئة المناسبة للالتزام بتعاليمه, من أجل ذلك فقد حث المسلمة على حسن الاختيار حتى عند الزواج من المسلم, وأمرها أن تختار الملتزم بدينه, وأن ترفض المهمل لتعاليم دينه, كل ذلك من أجل أن تظل المسلمة متمسكة بدينها, بعيدة عن كل تأثير سيء