عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

3-( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ *) (محمد : 1-3 )

 

قال القرطبي رحمه الله :
 الآية: 1 { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ }
قال ابن عباس ومجاهد: هم أهل مكة كفروا بتوحيد الله، وصدوا أنفسهم والمؤمنين عن دين الله وهو الإسلام بنهيهم عن الدخول فيه، وقال السدي. وقال الضحاك: "عن سبيل الله" عن بيت الله بمنع قاصديه. ومعنى "أضل أعمالهم": أبطل كيدهم ومكرهم بالنبي   ، وجعل الدائرة عليهم، قال الضحاك. وقيل: أبطل ما عملوه في كفرهم بما كانوا يسمونه مكارم، من صلة الأرحام وفك الأسارى وقرى الأضياف وحفظ الجوار. وقال ابن عباس: نزلت في المطعمين ببدر، وهم اثنا عشر رجلا: أبو جهل، والحارث بن هشام، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبي وأمية ابنا خلف، ومنبه ونبيه ابنا الحجاج، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، وحكيم بن حزام، والحارث بن عامر بن نوفل.

الآية: 2 { وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ
قوله تعالى: "والذين آمنوا" قال ابن عباس ومجاهد: هم الأنصار. وقال مقاتل: إنها نزلت خاصة في ناس من قريش. وقيل: هما عامتان فيمن كفر ومن آمن. ومعنى "أضل أعمالهم": أبطل أعمال الذين كفروا؛ وقيل: أضلهم عن الهدى بما صرفهم عنه من التوفيق...وقوله تعالى : " وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " ؛ من قال إنهم الأنصار فهي المواساة في مساكنهم وأموالهم. ومن قال إنهم من قريش فهي الهجرة. ومن قال بالعموم فالصالحات جميع الأعمال التي ترضي الله تعالى. "وآمنوا بما نزل على محمد" لم يخالفوه في شيء، قال سفيان الثوري. وقيل: صدقوا محمدا   فيما جاء به. "وهو الحق من ربهم" يريد أن إيمانهم هو الحق من ربهم. وقيل: أي إن القرآن هو الحق من ربهم، نسخ به ما قبله...و "كفر عنهم سيئاتهم" أي ما مضى من سيئاتهم قبل الإيمان. "وأصلح بالهم" أي شأنهم، عن مجاهد وغيره. وقال قتادة: حالهم. وقال ابن عباس: أمورهم. والثلاثة متقاربة وهي متأولة على إصلاح ما تعلق بدنياهم. وحكى النقاش أن المعنى أصلح نياتهم، ومنه قول الشاعر:
                                   فإن تقبلي بالود أقبل بمثله         وإن تدبري أذهب إلى حال باليا
 
وهو على هذا التأول محمول على صلاح دينهم. "والبال" كالمصدر، ولا يعرف منه فعل، ولا تجمعه العرب إلا في ضرورة الشعر فيقولون فيه: بالات. المبرد: قد يكون البال في موضع آخر بمعنى القلب، يقال: ما يخطر فلان على بالي، أي على قلبي. الجوهري: والبال رخاء النفس، يقال فلان رخي البال. والبال: الحال؛ يقال ما بالك. وقولهم: ليس هذا من بالي، أي مما أباليه. والبال: الحوت العظيم من حيتان البحر، وليس بعربي. والبالة: وعاء الطيب، فارسي معرب، وأصله بالفارسية بيلة. قال أبو ذؤيب:
                         كأن عليها بالــــة لطمية            لها من خلال الدأيتين أريج

الآية: 3 { ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ }
قوله تعالى: "ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم" "ذلك" في موضع رفع، أي الأمر ذلك، أو ذلك الإضلال والهدى المتقدم ذكرهما سببه هذا : فالكافر اتبع الباطل، والمؤمن اتبع الحق... والباطل: الشرك. والحق: التوحيد والإيمان. "كذلك يضرب الله للناس أمثالهم" أي كهذا البيان الذي بين يبين الله للناس أمر الحسنات والسيئات. والضمير في "أمثالهم" يرجع إلى الذين كفروا والذين آمنوا...
 

وقال السعدي رحمه الله :
-(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ *)
  هذه الآيات مشتملات على ذكر ثواب المؤمنين وعقاب العاصين ، والسبب في ذلك دعوة الخلق إلى الاعتبار بذلك ، فقال : " الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ  " وهؤلاء رؤساء الكفر ، وأئمة الضلال الذين جمعوا بين الكفر بالله وآياته ، والصد لأنفسهم وغيرهم عن سبيل الله ، التي هي الإيمان بما دعت إليه الرسل واتباعه . فهؤلاء (أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) ، أي : أبطلها وأشقاهم بسببها ، وهذا يشمل أعمالهم التي عملوها ليكيدوا بها الحق وأولياء الله . إن الله جعل كيدهم في نحورهم ، فلم يدركوا مما قصدوا شيئا ، وأعمالهم التي يرجون أن يثابوا عليها ، إن الله سيحبطها عليهم ، والسبب في ذلك أنهم اتبعوا الباطل ، وهو : كل غاية لا يراد بها وجه الله من عبادة الأصنام والأوثان . والأعمال التي في نصر الباطل لما كانت باطلة ، كانت الأعمال لأجلها باطلة . " وَالَّذِينَ آَمَنُوا " بما أنزل الله على رسله عموما ، وعلى محمد   خصوصا ، " وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " بأن قاموا بما عليهم من حقوق الله ، وحقوق العباد الواجبة والمستحبة "كَفَّرَ" الله " عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ " صغارها وكبارها ، وإذا كفرت سيئاتهم ، نجوا من عذاب الدنيا والآخرة . " وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ  " ، أي : أصلح دينهم ودنياهم ، وقلوبهم وأعمالهم ، وأصلح ثوابهم ، بتنميته وتزكيته ، وأصلح جميع أحوالهم ، والسبب في ذلك أنهم :"اتَّبَعُوا الْحَقَّ " الذي هو الصدق واليقين ، وما اشتمل عليه هذا القرآن العظيم الصادر " مِنْ رَبِّهِمْ" الذي رباهم بنعمته ، ودبرهم بلطفه فرباهم تعالى بالحق ، فاتبعوه ، فصلحت أمورهم . فلما كانت الغاية المقصودة لهم ، متعلقة بالحق المنسوب إلى الله الباقي ، الحق المبين ، كانت الوسيلة صالحة باقية ، باقيا ثوابها . " كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ  " حيث بين لهم تعالى أهل الخير وأهل الشر ، وذكر لكل منهم صفة يعرفون بها ويتميزون ( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأنفال : 42 )...




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق