عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 

 

ما من دليل واف يدل على أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يتصور ديناً عالمياً لجميع الناس

وكتب سوندرز المحاضر في جامعة كانتر بري يقول: (ما من دليل واف يدل على أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يتصور ديناً عالمياً لجميع الناس، أو يتصور أنه ارسل لهداية شعب من الشعوب غير شعبه العربي وليس قصة رسائله إلى الامبراطور هرقل وشاه فارس وملك الحبشة وغيرهم من الرؤساء للدخول في دينه بالقصة التي تقوم على أساس)

 

 

الرد

القرآن الكريم حافل بالشواهد والأدلّة القاطعة على عالمية الرسالة الإسلامية، ويمكننا أن نجعلها على أقسام:


1 ـ الآيات القرآنية الصريحة في عالمية الرسالة الإسلامية، وعددها كبير جداً.
قال تعالى: (قل يا أيّها الناس إنّي رسول الله إليكم جميعاً) ، (وما أرسلناك إلاّ كافّة للناس بشيراً ونذيراً) ، (وأرسلناك للناس رسولاً) (وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين) ، (تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً) ، (وأُوحي إليّ هذا القرآن لأُنذركم به ومن بلغ) ، (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كله ...) (يا أيّها الناس قد جاءكم الرسول بالحقّ من ربكم ...) (الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) ، (هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتّقين) (إنْ هو إلاّ ذكرٌ للعالمين) (هذا بلاغ للناس ولينذروا به) ، (وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب) (إنّ الدين عند الله الإسلام ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) (لينذر من كان حيّاً ويحقّ القول ...) (قل يا أيّها الناس إنّما أنا لكم نذيرٌ مبين) ، (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كلّ مثل لعلّهم يتذكّرون) ، (يا أيّها الناس قد جاءكم برهان من ربّكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً) (نذيراً للبشر ...)
والسنّة النبوية حافلة بالأدلّة والشواهد القاطعة على عالمية الرسالة الإسلامية.

 

 


ويقتضي مقام الاستدلال هنا ايراد عدد من النصوص والشواهد الدّالة على المطلوب، وهي:
1 ـ قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ حينما اجتمع في أوائل بعثته وفي داره بعدد من أقاربه: ((والله الذي لا إله إلاّ هو اني رسول الله إليكم خاصّة وإلى الناس عامّة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنّة أبداً أو النار أبداً))
والخصوصية في قوله: (اني رسول الله إليكم خاصّة) لا تعني أن الرسالة قد أعطت أقارب النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ امتيازاً اُسرياً على سائر الناس، وإنما تعني أن الحجة عليكم أقوى منها على غيركم لأنكم إن كذبتموني كان سائر الناس أولى بتكذيبي، وإن صدقتموني فسيبادر الناس إلى تصديقي، وأنتم أقرب الناس مني وأكثرهم ادراكاً لصدقي وحقيقة أمري.

 


2 ـ قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ: ((بعثت إلى الناس كافة فإن لم يستجيبوا فإلى العرب فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش فإن لم يستجيبوا فإلى بني هاشم فإن لم يستجيبوا لي فإليّ وحدي).

 


3 ـ قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ: ((لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلاّ بالتقوى))


4 ـ قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ: ((أيها الناس! إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية، ليدعن رجال فخرهم بأقوام، إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون عليّ من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن)).


5 ـ رسائله ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى قيصر الروم وكسرى فارس وعظيم القبط وملك الحبشة والحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام وأقيال حضرموت وهوذة بن علي الحنفي ملك اليمامة وإلى رؤساء العرب وشيوخ القبائل والأساقفة والمرازبة والعمال يدعوم فيها إلى الإسلام، وذلك بعد صلح الحديبية في السنة السادسة من الهجرة. وكان في بعض رسائله يؤكد على عالمية نبوته ورسالته، ومن ذلك ما جاء في رسالته إلى كسرى حيث يقول: ((... فأني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيّاً)).

 

وهو عبارة عن أمرين:
1 ـ إن العالمية صفة طبيعية تلازم التوحيد بحيث لا يمكن التفكيك بينهما، وهي مقتضى توحيد الله وعدله، فالإله الواحد لابد وأن تكون نظرته إلى مخلوقاته واحدة دون تمييز لأحد من عباده على آخر، وإذا تصورناه إلهاً يميز بين مخلوقاته وعباده على أساس اللون والعرق أو القبيلة أو النسب فإنما نتصور إلهاً ظالماً، وهو ليس الخالق العظيم الحكيم الرحيم العادل الذي نقصده ونعبده وإنما إلهاً موهوماً خلقته أمراضنا الأخلاقية والاجتماعية، كما هو إله التوراة الذي ميّز بني اسرائيل وجعلهم شعبه المختار، كما يدعي اليهود.

 


2 _ إن التوحيد الصافي الرائق الذي يتميز به الإسلام انتج رؤية اجتماعية مستقيمة تؤكد على الوحدة البشرية المتساوية الأفراد. فالبشرية من وجهة نظر القرآن الكريم بكل أدوارها وأجيالها، ومنذ أول فرد فيها وحتى آخر فرد منها أمة واحدة، قال تعالى مخاطباً أنبياءه: (وإنّ هذه أُمّتكم أُمّة واحدة وأنا ربّكم فاتقون) وهذه الأمة الواحدة ترجع إلى اُسرة واحدة، والاُسرة الواحدة ترجع إلى نفس واحدة، قال تعالى: (يا أيّها الناس اتّقوا ربّكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءاً ...).

 


فهناك رب واحد، ونفس واحدة، واُسرة واحدة، واُمة واحدة، ودين واحد هو الإسلام، وهكذا يتحول التوحيد الحقيقي الخالص من الشوائب إلى رؤية اجتماعية مستقيمة تؤكد على الوحدة والعدل والمساواة، وإلى مناخ أخلاقي يساعد على اجلاء الفطرة ونمو الفضيلة، وبعبارة أخرى، هكذا يتحول التوحيد إلى رؤية عالمية، فالعالمية هي المولود الطبيعي للتوحيد، والتوحيد هو الأب والمنبع الوحيد للعالمية. ومن هنا فإن الدين عالمي بطبعه وجوهره. وليس هناك دينٌ قوميٌ وآخر غير قومي، نعم هناك نبوة محلّية تقتصر اهتمامها على بقعة معينة وقبيلة خاصّة، وأخرى تفتح ذراعيها للأرض كلها.




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق