عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   


الحديث في مجموعه من صنع القرون الثلاثة الأولى للهجرة وليس من قول الرسول


في محاولة المستشرق جولد تسيهر لإثبات زعمه بأن الحديث في مجموعه من صنع القرون الثلاثة الأولى للهجرة وليس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم ادعى أن أحكام الشريعة لم تكن معروفة لجمهور المسلمين في الصدر الأول من الاسلام ، وأن الجهل بها وبتاريخ الرسول صلى الله عليه كان لاصقاً بكبار الأئمة ، وقد حشد لذلك بعض الروايات الساقطة المتهافتة ، من ذلك ما نقله عن كتاب الحيوان للدميري من أن أبا حنيفة رحمه الله لم يكن يعرف هل كانت معركة بدر بعد أُحد أم كانت أُحد قبلها !..


 

ولا شك في أن أقل الناس اطلاعاً على التاريخ يرد مثل هذه الرواية ، فأبو حنيفة وهو من أشهر أئمة الإسلام الذين تحدثوا عن أحكام الحرب في الاسلام حديثاً مستفيضاً في فقهه الذي أثر عنه وفي كتب تلامذته الذين نشروا علمه كأبي يوسف ومحمد r، يستحيل على العقل أن يصدق بأنه كان جاهلاً بوقائع سيرة الرسول ومغازيه وهي التي استمد منها فقهه في أحكام الحرب ، وحسبنا أن نذكر هنا كتابين في فقه في هذا الموضوع يعتبران من أهم الكتب المؤلفة في التشريع الدولي في الإسلام .
أولهما –كتاب الرد على سير الأوزاعي لأبي يوسف رحمه الله .
ثانيهما : كتاب السير الكبير لمحمد رحمه الله ، وقد شرحه السرخسي ، وهو من أقدم وأهم مراجع الفقه الإسلامي في العلاقات الدولية ، وقد طبع أخيراً تحت إشراف جامعة الدول العربية برغبة من جمعية محمد بن الحسن الشيباني للحقوق الدولية .

 


 وفي هذين الكتابين يتضح إلمام تلامذة الإمام –وهم حاملو علمه –بتاريخ المعارك الاسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين .
     وجولد تسيهر لا يخفى عليه أمر هذين الكتابين ، وكان بإمكانه لو أراد الحق أن يعرف ما إذا كان أبو حنيفة جاهلاً بالسيرة أو عالماً بها من غير أن يلجأ إلى رواية " الدميري " في " الحيوان " وهو ليس مؤرخاً وكتابه ليس كتاب فقه ولا تاريخ ، وإنما يحشر فيه كل ما يرى إيراده من حكايات ونوادر تتصل بموضوع كتابه من غير أن يعني نفسه البحث عـن صحتها ، ولا يخفى ما كان بين أبي حنيفة ومعاصريه ومقلديهم من بعدهم من عداء منهجي فكري ، وقد كان هذا العداء مادة دسمة لرواة الأخبار ومؤلفي كتب الحكايات والنوادر لنسبة حوادث وحكايات منها ما يرفع من شأن أبي حنيفة ، ومنها ما يضع من سمعته . وأكثرها ملفق موضوع للمسامرة والتندر من قبل محبيه أو كارهيه على السواء ، مما يجعلها عديمة القيمة العلمية في نظر العلماء والباحثين .


 

فجولد تسيهر أعرض عن كل ما دُوِّن من تاريخ أبي حنيفة تدويناً علمياً ثابتاً ، واعتمد رواية مكذوبة لا يتمالك طالب العلم المبتدئ في الدراسة من الضحك لسماعها ليدعم بذلك ما تخيله من أن السنَّة النبوية من صنع المسلمين في القرون الثلاثة الاولى .


ومثال آخر عن هذا المستشرق أيضاً : فقد أعرض عما أجمعت عليه كتب الجرح والتعديل وكتب التاريخ من صدق الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري رحمه الله ( 50 –124 هـ ) وورعه وأمانته ودينه وزعم أن الزهري لم يكن كذلك بل كان يضع الحديث للأمويين ، وهو الذي وضع حديث " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد إلخ .. " لعبد الملك بن مروان ، وكل حجته أن هذا الحديث من رواية الزهري ، وأن الزهري كان معاصراً لعبد الملك بن مروان ! .. وقد ناقشت هذا الزعم مناقشة مفصلة في كتابي " السنَّة ومكانتها في التشريع الاسلامي " ص 385 وما بعدها .

 

وكان يردد كلامًا يتعلق بالسنة ويدعي بعض الادعاءات ، منها :
–أن هناك أحاديث كثيرة لا يمكن أن تكون قد صدرت عن الرسول .


–أنه لا يمكن القطع بصحة نسبة شيء من أحاديث الرسول .


–أن القسم الأكبر من الحديث النبوي تم وضعه نتيجة للتطور الديني والسياسي والاجتماعي الذي حدث في القرن الأول والثاني الهجري .


–الطعن في حملة الحديث النبوي من الصحابة كأبي هريرة .

 


–ونرد عليهم بهذا الرد على ادعاءاتهم الأربعة التي ذكرت :
1–الرد على الادعاء الأول :
–هناك أحاديث لم تصدر عن الرسول –صلى الله عليه وسلم –وهي موضوعة وتصدى لها رجال الحديث وأفردوا لها كتبًا خاصة ، ومن هذه الكتب الموضوعات ، لابن الجوزي اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ، للإمام الشوكاني .

 


2–الرد على الادعاء الثاني :
–أما قوله : ( بأن هناك أحاديث لا يمكن القطع بصحة نسبتها إلى الرسول ) ،فنقول له :
هذا محض زور وبهتان وصاحبة إما جاهل أو مغرض ؛ لأن الأحاديث النبوية ميزت ومحصت تمحيصًا تامًا ، والسنة النبوية حملها صحابة أوفياء عدول نقلها عنهم أئمة عدول وهكذا ، ثم أفردت أحاديث الرسول –صلى الله عليه وسلم –في مؤلفات .

 


3–الرد على الادعاء الثالث :
–أما قوله : ( إن الحديث كان انعكاسًا للتطور السياسي والاجتماعي ) ، فنقول له :
لم ينتقل رسول الله –صلى الله عليه وسلم –لربه إلا بعدما اكتمل الدين ، قال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا ) ،
فهذا دليل على إتمام السنة . ويكفيكم قوله –صلى الله عليه وسلم –: ( تركت فيكم شيئين ما إن تمسكتم به بعدي فلن تضلوا بعدي أبدًا ) .
والدليل على أن السنة لم يحصل فيها إضافة بعد عهد النبي –صلى الله عليه وسلم –عدم اختلاف المسلمين في عبادتهم لله عز وجل ، وهم يعيشون في شتى بقاع الأرض . ولو صح ما ادعوه لاختلف المسلمون في عبادتهم لله تعالى ومعاملاتهم .

 


4–الرد على الادعاء الرابع :
–الصحابة –رضي الله عنهم –كلهم عدول وكلهم من الفضلاء ، قال –صلى الله عليه وسلم –: ( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ، والطعن في الناقل يضعف الثقة في المنقول .




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق