لما كان يوم أحد أبلى فيه طلحة بلاء حسناً وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت وحماه من الكفار واتقى عنه النبل بيده حتى شلت إصبعه ووقاه بنفسه...
عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد ارتجزت بهذا الشعر
نحن حماة غالب ومالك
نذبُّ عن رسولنا المبارك
نضرب عنه اليوم في المعارك
ضرب صفاح الكوم في المبارك
فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد قال لحسان: "قل في طلحة" فأنشأ حسان وقال:
طلحة يوم الشعب آسى محمدا
على سالك ضاقت عليه وشقت
يقيه بكفيه الرماح وأسلمت
أشاجعه تحت السيوف فشلت
وكان إمام الناس إلا محمدا
أقام رحى الإسلام حتى استقلت
يقي النبي صلى الله عليه وسلم بيده:
عن قيس بن أبي حازم قال رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم قد شلت
سلف النبي صلى الله عليه وسلم في أربع:
كان طلحة سلف النبي في أربع كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر، وكانت أختها أم كلثوم بنت أبي بكر عند طلحة، فولدت له زكريا ويوسف وعائشة، وكانت عند النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، وكانت حمنة بنت جحش تحت طلحة بن عبيد الله، فولدت له محمدا، وقُتل يوم الجمل مع أبيه، وكانت أم حبيبة بنت أبي سفيان تحت النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت أختها الرفاعة بنت أبي سفيان تحت طلحة بن عبيد الله، وكانت أم سلمة بنت أبي أمية تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أختها قريبة بنت أبي أمية تحت طلحة بن عبيد الله، فولدت له مريم بنت طلحة..
الشهيد الذي يمشي على الأرض:
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الصَّلْتِ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ وَفِي صَالِحِ بْنِ مُوسَى مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِمَا
كرمه:
وأكرم العرب في الإسلام طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه، جاء إليه رجل فسأله برحم بينه وبينه، فقال: هذا حائطي - بستاني - بمكان كذا وكذا وقد أعطيت فيه مائة ألف درهم يراح إلى المال بالعشية فإن شئت فالمال وإن شئت فالحائط وقال زياد بن جرير رأيت طلحة بن عبيد الله فرق مائة ألف في مجلس وأنه ليخيط إزاره بيده..!!
وقال قبيصة بن جابر: صحبت طلحة بن عبيد الله فما رأيت رجلا أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه.
وعن الحسن أن طلحة بن عبيد الله باع أرضا له من عثمان بن عفان بسبع مئة ألف قال: ثم حمله. فلما جاء بها الرسول قال: إن رجلا يبيت وهذه في بيته لا يدري ما يطرقه من الله لعزيز بالله قال: فجعل رسوله يختلف في سكك المدينة يقسمها فما أصبح وعنده منها درهم..
وعن طلحة بن عبيد الله أنه أتاه مال من حضرموت سبعمائة ألف. قال: فبات ليلته يتململ فقالت له زوجته: يا أبا محمد مالي أراك منذ الليلة تململ أرابك منا أمر فنعتبك؟ قال: لا لعمري لنعم زوجة المرء أنت ولكن تفكرت منذ الليلة فقلت: ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت عن بعض أخلاقك؟ قال: وما هو؟ قالت: إذا أصبحت دعوت بجفان وقصاع فقسمتها على بيوت المهاجرين والأنصار على قدر منازلهم قال: فقال له: يرحمك الله إنك ما علمت موفقة بنت موفق وهي أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم. فلما أصبح دعا بجفان وقصاع فقسمها بين المهاجرين والأنصار فبعث إلى علي بن أبي طالب منها بجفنة فقالت له زوجته: أبا محمد أما كان لنا في هذا المال من نصيب؟ قال: فأين كنت منذ اليوم؟ فشأنك بما بقي قال: فكانت صرة نحو من ألف درهم
كان طلحة بن عبيد الله يغل بالعراق ما بين أربع مئة ألف إلى خمس مئة ألف ويغل بالسراة عشرة آلاف دينار أو أقل أو أكثر وبالأعراض له غلات وكان لا يدع أحدا من بني تميم عائلا إلا كفاه مؤنته ومؤنة عياله وزوج أياماهم وأخدم عائلهم، وقضى دين غارمهم، ولقد كان يرسل إلى عائشة، إذا جاءت غلته كل سنة بعشرة آلاف، ولقد قضى على صبيحة التميمي ثلاثين ألف درهم.
ممن قضى نحبه:
عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله قال دخلت على أم المؤمنين وعائشة بنت طلحة وهي تقول لأمها أسماء أنا خير منك وأبي خير من أبيك قال فجعلت أمها تشتمها وتقول أنت خير مني فقالت أم المؤمنين عائشة ألا أقضي بينكما قالت بلى قالت فإن أبا بكر رضي الله عنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار قالت فمن يومئذ سمي عتيقا ولم يكن سمي قبل ذلك عتيقا قالت ثم دخل طلحة بن عبيد الله فقال أنت يا طلحة ممن قضى نحبه. قال الحاكم في المستدرك: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه |