تاقت روح السيدة خديجة رضي الله عنها إلى بارئها، وكان ذلك قبل هجرته إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة، وأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه في حفرتها وأدخلها القبر بيده."ففي السنة العاشرة أول ذي القعدة وقيل: النصف من شوال توفي أبو طالب، وكان عمره بضعا وثمانين سنة، ثم توفيت بعده خديجة بثلاثة أيام، وقيل بشهر، وقيل: كان بينهما شهر وخمسة أيام، وقيل: خمسون يوما، ودفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون، ولم تكن الصلاة على الجنائز يومئذ، وقيل: إنها ماتت قبل أبي طالب.
وكان عمرها خمسا وستين سنة، وكان مقامها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما تزوجها أربعا وعشرين سنة وستة أشهر، وكان موتها قبل الهجرة بثلاث سنين وثلاثة أشهر ونصف". (18) .وتشاء الأقدار أن يتزامن وقت وفاتها والعام الذي توفي فيه أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أيضا يدفع عنه ويحميه بجانب السيدة خديجة رضي الله عنها، فلقد حزن الرسول صلى الله عليه و سلم ذلك العام حزنا شديدا حتى سُمي بعام الحزن، وحتى خُـشى عليه صلى الله عليه وسلم ومكث فترة بعدها بلا زواج.ومن أبلغ ما جاء في خديجة رضي الله عنها وأود أن أختم به هذه القصة وهذا الرباط المبارك ما ترويه عائشة رضي الله عنها إذ تقول:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر ذكر خديجة، فقالت له: لقد أخلفك الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، تقول عائشة: فتمعر وجهه صلى الله عليه وسلم تمعرا ما كنت أراه منه إلا عند نزول الوحي وإذا رأى المخيلة حتى يعلم أرحمة أو عذاب". (19)
وتقول أيضا:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكن يسأم من ثناء عليها والاستغفار لها، فذكرها ذات يوم واحتملتني الغيرة إلى أن قلت: قد عوضك الله من كبيرة السن، قالت: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضبا سقط في جلدي، فقلت في نفسي: اللهم إنك إن أذهبت عني غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أذكرها بسوء ما بقيت.
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد لقيت قال: "كيف قلت؟! والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقت مني الولد إذ حرمتيه مني، فغدا بها علي وراح شهرا". (20)
المصادر:
(1) (أسد الغابة، ج1 ، ص1337 بتصرف)
(2) (انظر: صفة الصفوة، ج1، ص74 ، أسد الغابة، ج1 ، ص1337).
(3) (انظر: أسد الغابة، ج1 ، ص1337).
(4) ( انظر: المعجم الكبير ج 22 ص 444 / المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 200 / سنن البيهقي الكبرى ج 7 ص 70 / الآحاد والمثاني ج 5 ص 380).
(5) (الحديث في صحيح البخاري، ج4، ص1894).
(6) (عيون الأثر، ج1، ص165، سيرة ابن هشام، ج2، ص74، تاريخ الإسلام، ج1، ص31، سيرة ابن اسحاق، ج1، ص113، تاريخ الطبري، ج1، ص533، أسد الغابة، ج1 ، ص1339).
(7) (البداية والنهاية، ج3، ص23، سيرة ابن هشام، ج2، ص77 ، أسد الغابة، ج1 ، ص1339).
(8) (سنن النسائي الكبرى، ج5، ص106، والرواية أيضا في مسند أبي يعلى، والمعجم الكبير).
(9) (صحيح مسلم، ج2، ص1090).
(10) (مسند الطيالسي, ج1، ص306).
(11) (صحيح البخاري، ج 3، ص 1388).
(12) (صحيح ابن حبان، ج15، ص 470).
(13) (صحيح ابن حبان، ج 15، ص 464).
(14) (صحيح البخاري، ج3 ، ص 1389).
(15) (صحيح مسلم، ج 4، ص 1888).
(16) (صحيح ابن حبان، ج15، ص 467).
(17) (المستدرك على الصحيحين، ج1، ص 62).
(18) (أسد الغابة، ج1 ، ص11).
(19) (صحيح ابن حبان، ج 15 ص 468). |