عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 

 


 
قد عفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أشد المعاندين له وهو أبو سفيان ومن أشبه، حينما استولى عليهم، فقال لهم: (ألا بئس جيران النبي كنتم، لقد كذبتم وطردتم وأخرجتم وفللتم ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلوني.. فاذهبوا فأنتم الطلقاء).

وعفى (صلى الله عليه وآله) عن وحشي الذي قتل حمزة عم النبي (صلى الله عليه وآله) سيد الشهداء .. وهكذا.

وعفى (صلى الله عليه وآله) عن هبّار الذي قتل ابنته زينب (عليها السلام) وقتل جنينها..

فإن هبار بن الأسود بعد أن جنى ما جنى وأهدر النبي (صلى الله عليه وآله) دمه، جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله..

فقبل النبي (صلى الله عليه وآله) إسلامه..

فخرجت سلمى مولاة النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت لهبار: لا أنعم الله بك عينا، أنت الذي فعلت وفعلت..

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الإسلام محا ذلك.. ونهى عن التعرض له.

وعن ابن عباس قال: حينما كان هبار يعتذر إليه (صلى الله عليه وآله)، رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يطأطأ رأسه استحياءً مما يعتذر هبار! ويقول له: قد عفوت عنك(12).

 

 
ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أمر بقتل شخصٍ لجرمه، كان (صلى الله عليه وآله) يبدي عطفاً وحناناً، فإذا قيل له: هلا عفوت عنه، عفى عنه..

وفي التاريخ: إن النضر بن الحارث بن كلدة كان رجلاً من الكفار ومفسداً ، فقتله المسلمون بأمره (صلى الله عليه وآله) ، فجاءت أخته إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) وقالت:

في قومها والفحل فحل معرق***أمحمد ولأنت صنو بخيبه

منّ الفتى وهو المغيظ المخنق***ما كان ضرّك لو مننت وربما

فكانت (الأخت) كافرة والمقتول كان كافراً مفسداً مستحقاً للقتل، لكن لما أنشدت الأبيات للرسول (صلى الله عليه وآله) رقّ لها الرسول (صلى الله عليه وآله)، وقال: لو كنت شفعت فيه قبل أن يقتل لكنت عفوت عنه.

إلى غير ذلك من الأمثلة.


 
عفوه (صلى الله عليه وآله) عن المتآمرين
 
وكذلك لم يعاقب الرسول (صلى الله عليه وآله) المنافقين الذين أرادوا قتله في ليلة العقبة (في قصة مشهورة)(...

كما عفى (صلى الله عليه وآله) عن غيرهم ممن همّوا بقتله، مع العلم بأنهم كانوا من أشد المجرمين، ومن أخسّ الذين يستحقّون القتل، ولكن الرسول (صلى الله عليه وآله) بسياسته الرشيدة كان يعفو مهما وجد إلى العفو سبيلاً.
 

 
هكذا كانت جميع الأعراض في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمن وسلام، وان استحقّ بعضها الهتك..

فلما فتح الرسول (صلى الله عليه وآله) مكة المكرمة، أخذ (سعد بن عبادة) ينادي في أهل مكة:

اليوم يوم الملحمة***اليوم تسبى حرمة

يعني: اليوم هو اليوم الذي نقتلكم ونجعلكم لحوماً، فهو يوم ملحمة ولحم، واليوم تسبى حرمكم ونساؤكم.

فقال الرسول (صلى الله عليه وآله) للإمام عليّ (عليه السلام): اذهب وخذ الراية من سعد، وناد عكس ندائه..

فجاء علي (عليه السلام) وأخذ الراية وقال منادياً:

اليوم يوم المرحمة***اليوم تحفظ حرمة

يعني: إنّا نكرمكم ونرحمكم في هذا اليوم، ونحفظ حرمكم.

وهكذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله)  فكان يعفو ويصفح.. ويعمل ما يمكن في سبيل ترسيخ دعائم الايمان والفضيلة، والصبر والاستقامة، والتقدم والوحدة، مما لم ير العالم مثل حكومته الرشيدة إلا في زمان أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، حيث رأى الناس في تلك الحكومة أيضاً ما رأوه في حكومة الرسول (صلى الله عليه وآله).
 

 

 وصورة أخرى لعفوه صلى الله عليه وسلم (عفوه عن المرأة اليهودية التي وضعت له السم في الطعام فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن امرأة من يهود أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فقال لأصحابه (أمسكوا فإنها مسمومة) وقال لها ما حملك على ما صنعت ؟قالت أردت أن أعلم إن كنت نبياً فسيطلعك الله عليه وإن كنت كاذبا أريح الناس منك .قال فما عرض لها رسول الله . وفي سيرة ابن هشام أنها سألت .أي عضو من الشاة أحب إليه فقيل لها الذراع .فأكثرت فيه من السم ثم سمًت سائر الشاة وجاءت بها فلما وضعتها بين يديه تناول الذراع , فلاك منها مضغة , فلم يستسغها وكان معه بشر بن البراء بن معرور قد أخذ منها كما أخذ رسول الله فأما بشر فمات وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها وقال : إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم قال : فما عرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم)

 

 

 فتفكر أخي المسلم في هذا العفو العظيم عن ذلك الجرم الخطير وكان في إمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتص من هذه المرأة ويأمر بقتلها وأيضا في هذا بيان لعفوه الكريم صلى الله عليه وسلم ولقد عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن اليهودي الذي يسمى لبيد بن الأعصم وكان قد سحر النبي صلى الله عليه وسلم فعن زيد بن أرقم قال : سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود قال فاشتكى لذلك أياما ًقال : فجاء جبريل عليه السلام فقال ,إن رجلا من اليهود سحرك عقد لك عقداً في بئر كذا وكذا فأرسل إليها من يجيء بها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله تعالى عنه فجاء بها فحللها قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال فما ذكر لذلك اليهودي ولا رأى وجهه قط حتى مات ) رواه أحمد في مسنده وفي هذا المقام يُروى أن سيدنا علياً قال :يا رسول الله دعني أقطع رقبة هذا الرجل .فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ,أما أنا فقد شفاني الله ففي هذه الصورة يتبين لنا عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما نعرف جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعفو في حق نفسه ولا يغضب من أجل نفسه ولكن كان يغضب لله وهذا كما أمره ربُ العالمين (خُذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).

 

 و رُوي أن أعرابيا جاء إلي النبى صلى الله عليه وسلم يطلب منه إحسانًا، فأعطاه النبى صلى الله عليه وسلم ، ثم قال له(أحسنت إليك؟)فقال الأعرابي:لا..ولا أجملت.فغضب أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ، وقاموا إلي الأعرابي ليعاقبوه علي ما قال، فأشار إليهم النبى صلى الله عليه وسلم أن يتركوه، ثم أخذ الرجل معه، ودخل بيته، وزاده فوق ما أعطاه، ثم قال له الرسول صلى الله عليه وسلم (أحسنت إليك؟).فقال له:نعم، فجزاك الله خيرًا.فقال له النبى صلى الله عليه وسلم (إنك قلت ما قلت آنفا (قبل ذلك) وفي نفس أصحابي من ذلك شيء، فإن أحببت فقل بين أيديهم (أمامهم) ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك). فقال الرجل:نعم. فلما كان الغد جاء الرجل إلي مجلس النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن هذا الرجل قال ما قال فزدناه، فزعم أنه رضي، أكذلك؟) فقال الرجل: نعم، جزاك الله خيرًا، ثم انصرف الرجل مسرورًا.





                      المقال السابق




Bookmark and Share


أضف تعليق