عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

انشقاق القمر:


من الآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة على رسالة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر في مكة المكرمة، وهي معجزة تواترت الأخبار بنقلها وصح الأثر بشأنها، فقد سأل مشركو مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم آية فأراهم القمر ينشق إلى شقين غير أن قلوبهم المريضة لم ترعوى رغم روعة المعجزة.
روى الإمام البخاري في صحيحه عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اشْهَدُوا.
وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمْ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ.
وروى الترمذي في سننه عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَارَ فِرْقَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْجَبَلِ وَعَلَى هَذَا الْجَبَلِ فَقَالُوا سَحَرَنَا مُحَمَّدٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَئِنْ كَانَ سَحَرَنَا فَمَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْحَرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ

 


وقد ذكر الله عزوجل انشقاق القمر في كتابه الكريم، فقال: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) [القمر:1-3].
فهذا آية بينة أراد بعض المشركين التشكيك فيها بزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد عليهم البعض بسؤال المسافرين إذا كانوا رأوا هذه الحادثة أم لا روى أبو نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة "انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت كفار قريش: هذا سحر سحركم ابن أبي كبشة ، فانظروا إلى السفار، فإن أخبروكم أنهم رأوا مثل ما رأيتم فقد صدق، قال : فما قدم عليهم أحد إلا أخبرهم بذلك".

 


قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: "قال أبو إسحاق الزجاج في " معاني القرآن ": أنكر بعض المبتدعة الموافقين لمخالفي الملة انشقاق القمر ولا إنكار للعقل فيه، لأن القمر مخلوق لله يفعل فيه ما يشاء كما يكوره يوم البعث ويفنيه، وأما قول بعضهم : لو وقع لجاء متواترا واشترك أهل الأرض في معرفته ولما اختص بها أهل مكة، فجوابه أن ذلك وقع ليلا وأكثر الناس نيام والأبواب مغلقة وقل من يراصد السماء إلا النادر، وقد يقع بالمشاهدة في العادة أن ينكسف القمر، وتبدو الكواكب العظام وغير ذلك في الليل ولا يشاهدها إلا الآحاد، فكذلك الانشقاق كان آية وقعت في الليل لقوم سألوا واقترحوا فلم يتأهب غيرهم لها، ويحتمل أن يكون القمر ليلتئذ كان في بعض المنازل التي تظهر لبعض أهل الآفاق دون بعض كما يظهر الكسوف لقوم دون قوم.

 


وقال الخطابي : انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء خارجا من جملة طباع ما في هذا العالم المركب من الطبائع، فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر، وقد أنكر ذلك بعضهم فقال : لو وقع ذلك لم يجز أن يخفى أمره على عوام الناس لأنه أمر صدر عن حس ومشاهدة فالناس فيه شركاء والدواعي متوفرة على رؤية كل غريب ونقل ما لم يعهد، فلو كان لذلك أصل لخلد في كتب أهل التسيير والتنجيم ، إذ لا يجوز إطباقهم على تركه وإغفاله مع جلالة شأنه ووضوح أمره.

 


والجواب عن ذلك أن هذه القصة خرجت عن بقية الأمور التي ذكروها لأنه شيء طلبه خاص من الناس فوقع ليلا لأن القمر لا سلطان له بالنهار ومن شأن الليل أن يكون أكثر الناس فيه نياما ومستكنين بالأبنية، والبارز بالصحراء منهم إذا كان يقظان يحتمل أنه كان في ذلك الوقت مشغولا بما يلهيه من سمر وغيره، ومن المستبعد أن يقصدوا إلى مراصد مركز القمر ناظرين إليه لا يغفلون عنه، فقد يجوز أنه وقع ولم يشعر به أكثر الناس، وإنما رآه من تصدى لرؤيته ممن اقترح وقوعه، ولعل ذلك إنما كان في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر.

 


وأما من سأل عن السبب في كون أهل التنجيم لم يذكروه فجوابه أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه نفاه، وهذا كاف، فإن الحجة فيمن أثبت لا فيمن يوجد عنه صريح النفي، حتى إن من وجد عنه صريح النفي يقدم عليه من وجد منه صريح الإثبات.
وقال ابن عبد البر : قد روى هذا الحديث جماعة كثيرة من الصحابة ، وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين . ثم نقله عنهم الجم الغفير إلى أن انتهى إلينا ، ويؤيد ذلك بالآية الكريمة ، فلم يبق لاستبعاد من استبعد وقوعه عذر" .
فمعجزة انشقاق القمر من أعظم معجزات الأنبياء بعد القرآن الكريم، وهي أعظم من معجزة شق البحر لموسي عليه السلام لأن البحر في الأرض أما القمر في السماء والبرهان فيه أظهر.


العلم الحديث وانشقاق القمر:


رغم أن انشقاق القمر من المعجزات التي وقعت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقضت، إلا إن آثارها لا زالت باقية، حيث يذكر الدكتور زغلول النجار في مقال له عن انشقاق القمر أنه كان يتحدث عن هذه المعجزة في محاضرة بكلية الطب جامعة كارديف ببريطانيا، وبعد انتهاء حديثه وقف رجل بريطاني من الحضور واستأذن في أن يضيف شيئًا إلى إجابتي فأذنت له, ثم بدأ بتعريف نفسه على أن اسمه داود موسى بيدكوك, وأنه مسلم, ويرأس الحزب الإسلامي البريطاني.

 


ثم حكي "بيدكوك" قصته مع انشقاق القمر فقال: إن هذه الآيات في مطلع سورة القمر كانت هي السبب في إسلامه في أواخر السبعينيات من القرن العشرين؛ لأنه ببحث مستفيض في الأديان أهداه أحد المسلمين ترجمة لمعاني القرآن الكريم, وأنه عند فتح هذه الترجمة لأول مرة فوجئ بسورة القمر, فقرأ الآيات في مطلعها, ولم يكد يصدق أن القمر قد انشق ثم التحم فأغلق الترجمة وانصرف عنها, ثم شاء الله تعالى أن يشاهد على شاشة التلفاز البريطاني (b.b.c) برنامجًا عن رحلات الفضاء استضاف فيه المذيع البريطاني المعروف جيمس بيرك (james burke) ثلاثة من علماء الفضاء الأمريكيين وذلك في سنة 1978 م, وفي أثناء الحوار كان المذيع ينتقد الإسراف على رحلات الفضاء بإنفاق ملايين الدولارات والأرض يتضور فيها ملايين البشر من الجوع, والمرض, والجهل, والتخلف, وكان جواب العلماء أنه بفضل هذه الرحلات تم تطوير عدد من التقنيات المهمة التي تطبق في مجالات التشخيص والعلاج الطبي والصناعة, والزراعة, وغيرها, وفي أثناء هذا الحوار جاء ذكر أول رحلة إنزال رجل على سطح القمر, وقد تكلفت أكثر من مائة مليار دولار, وجلس المذيع يتابع عتابه على هذا الإسراف, قرر العلماء بأن هذه الرحلة قد أثبتت لهم حقيقة لو أنفقوا أضعاف هذا المبلغ لإقناع الناس بها ما صدقهم أحد, فسأل المذيع : ما هي هذه الحقيقة؟

 

 

 

 فأجابوا: أن هذا القمر قد سبق له أن انشق ثم التحم, وأن آثار محسوسة تؤيد ذلك الحدث قد وجدت على سطح القمر وامتدت إلى داخله.
يضيف بيدكوك: حينما سمعت ذلك قفزت من الكرسي الذي كنت أجلس عليه أمام التلفاز, وقلت: معجزة تحدث لمحمد قبل ألف وأربعمائة سنة ويرويها القرآن بهذا التفصيل العجيب يسخر الله من يثبتها للمسلمين في عصر العلوم والتقنية الذي نعيه, وينفق هذا المبلغ الكبير, لابد وأن يكون هذا الدين حقًا, وعدتُ إلى ترجمة معاني القرآن الكريم أقرؤها بشغف شديد, وكانت آيات افتتاح سورة القمر هي السبب المباشر لقبولي الإسلام دينًا.
وهكذا تعود معجزة انشقاق القمر لتطل علينا من جديد وتثبت للمنكرين صدق ونبوة خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم رغم مرور مئات السنين على هذه الآية الباهرة




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق