المبحث الثاني:
أخلاقه الكريمة
لقد جمع الله لرسول الله الكريم بين حسن الخلق وحسن الخلق، حيث يحبه كل من رآه، ويألفه كل من عاشره، وكفاه شرفا أن الله مدحه بحسن خلقه في القرآن الكريم، فقال سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)، وقد تحدث صحابته الكرام عن أخلاقه الكريمة وشمائله الجليلة، فلنصغ إلى أحاديثهم عن:
1- كرمه: حيث بلغ من الجود والكرم ما أنسى العرب حاتم الطائي الذي كانوا يضربون به المثل في تلك الخصلة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ما سئل رسول الله r شيئا على الإسلام إلا أعطاه، سأله رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فأتى الرجل قومه فقال لهم يا قوم اسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة(1).
2- حلمه: المنقطع النظير، فقد جذبه يوما أعرابي جذبة شديدة حتى أثرت في صفحة عنقه، وقال: احمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك، فإنك لا تحمل لي من مالك ومال أبيك، فحلم عليه، ولم يزد أن قال: ((المال مال الله، وأنا عبده، ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي)) فقال الأعرابي لا، فقال النبي ((لم؟)) قال: لأنك لا تكافئ السيئة بالسيئة، فضحك ، ثم أمر أن يحمل له على بعير شعير وعلى آخر تمر(1).
3- حيائه: الفطري الذي لم يحل بينه وبين الحق قط، روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري t قال: كان رسول الله أشد حياء من البكر في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه(2).
4- مزاحه: الذي لم يخرجه عن طوره أو يخدش في فضله، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: استأذن أبو بكر على النبي فسمع صوت عائشة عاليا على رسول الله ، فلما دخل تناولها ليلطمها وقال: ألا أراك ترفعين صوتك على رسول الله، فجعل النبي يحجزه، وخرج أبو بكر مغضبا، فقال رسول الله حين خرج أبو بكر ((كيف رأيتني أنقذتك من الرجل؟)) فمكث أبو بكر أياما ثم استأذن على رسول الله فوجدهما قد اصطلحا، فقال لهما: أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما، فقال رسول الله (( قد فعلنا قد فعلنا))(3).
5- وفائه: الذي لم بفرق فيه بين الأحياء والأموات، فعن أنس بن مالك قال: كان النبي إذا أتي بهدية قال: ((اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة، إنها كانت تحب خديجة)).
المقال السابق
المقال التالى