عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم رسول الله مع الشباب
تاريخ الاضافة 2008-01-24 13:23:10
المقال مترجم الى
English   
المشاهدات 9225
أرسل هذه الصفحة إلى صديق باللغة
English   
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

لقد بلغ المنهاج النبوي غايته وحقّق أهدافه في تربية شباب الصحابة حتى بلغ الشاب مبلغاً لم يبلغه الكبار ،  فقد برز الشباب في جوانب كثيرة في العلم والإيمان ، والدعوة والجهاد ، وسائر الأعمال الصالحة . وسأعرض باختصار شديد بعض ما وصل إليه شباب الصحابة وتفوقوا فيه :

فهذا معاذ بن جبل يأتي إماماً للعلماء يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم : (( يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة إمام العلماء برتوه )) .

ولقد كانوا أعلم الناس بكتاب الله ، وأجمع الناس له ، وأدرى الناس بمعانيه وأحكامه ، قال عبدالله بن مسعود : ما أنزلت سورة إلا وأنا أعلم فيما نزلت .. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من الشباب : (( استقرئوا القرآن من أربعة : من عبدالله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ،  ومعاذ بن جبل )) ]رواه البخاري [.

 

 

وقد أمر أبوبكر الصديق زيد بن ثابت بجمع القرآن ، مما يؤكد مكانة الشباب .

ولقد أثمرت توجيهاته صلى الله عليه وسلم جيلاً مؤمناً محباً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولقد شهد بذلك المصطفى صلى  الله عليه وسلم يوم خيبر حينما قال : (( لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحبُّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله )) .]رواه البخاري [.

 

 

ولقد ظهرت قوة إيمانهم وصلابته يوم ثبتوا ثبوت الجبال الراسيات في مواجهة الابتلاءات التي تعرّضوا لها من قريش ، فهذا خبّاب بن الأرت جعل الكفار يلصقون ظهره بالرضف حتى ذهب لحم متنه رضي الله عنه وأرضاه . وهذا مصعب بن عمير بعد أن كان يلبس القشيب الزاهي ، وكان بين أبوين يغذيانه بأطيب الطعام والشراب ، فلمّا أسلم منعوه من ذلك كله ، حتى أصبح يلبس البالي المرقع ، فاختار شظف ا لعيش وشدة الحال حبّاً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .

ولقد  بذل شباب الصحابة الغالي والنفيس في سبيل الله ،  فهذا علي بن أبي طالب يفدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ، ويبيت في فراشه ، وكان عمره آنذاك نحواً من ثلاثة وعشرين عاماً . وذاك طلحة بن عبيد الله يقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ليفديه بنفسه ويترس عليه ليرد عنه النبل بيده حتى شُلّت يده رضي الله عنه وأرضاه .

وكان من نتائج تربيته صلى الله عليه وسلم للشباب صمودهم أمام الدنيا وزينتها . فقد أراد عمر بن الخطاب أن يمتحن معاذ بن جبل وأبا عبيدة بن الجراح بالمال ، فأعدّ عمر لكل واحدٍ منهما أربعمائة دينار ، وجعل كل واحدة في صرة ، وقال للغلام : اذهب بها إلى معاذ ثم إلى أبي عبيدة ، وتشاغل في البيت قليلاً لتنظر ما يصنع كلٌ منهما ! فما كان من معاذ إلا أن فرّقها جميعاً ولم يبق لأهله إلا دينارين . وكذلك فعل أبو عبيدة . فرجع الغلام إلى عمر فأخبره فسُرّ بذلك عمر وفرح وقال : إنهم أخوة بعضهم من بعض .

ولقد ترجم شباب الصحابة الإيمان إلى أعمال صالحة ، فمن ذلك أن ابن عمر كان له مهراس فيه ماء فيصلي ما قُدّر له ، ثم يصير إلى الفراش ، فيغفى إغفاء الطير ، ثم يثب ويتوضأ ثم يصلي ، يفعل ذلك أربع مرات أو خمس مرات ..

وكان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخلٍ ، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب ، فلمّا نزلت هذه الآية : {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }(آل عمران: من الآية92) فقال أبو طلحة : يارسول الله إن أحبّ أموالي إليّ بيرحاء ، وإنها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله ، فضعها يارسول الله حيث أراك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بخٍ ، ذلك مالُ رابح ، ذلك مالُ رابح .. )) ]رواه البخاري [.

 

 

ولقد تربى ذلك الجيل من الصحابة بين يدي رسول  الله صلى الله عليه وسلم فاتصفوا بصفات كثيرة من الأخلاق الحسنة ، والآداب النبيلة ، ومن جملة هذه الآداب :

أ) الأدب مع الوالدين والبر بهما :

فهذا أسامة بن زيد يعمد إلى نخلة فينقرها ويخرج جمارها فيطعمها أمه . فقال له : ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم ؟ قال : إن أمي سألتنيه ولا تسألن شيئاً أقدر عليه إلا أعطيتها .

وما كان أبو هريرة يحج حتى ماتت أمه لصحبتها .

وهذا الشاب معاذ بن عمرو بن الجموح يسعى لخلاص والده من عبادة الأوثان من قبل أن يكون في ظلمة قبر مرتهن .

ويشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم للشاب جعفر بن أبي طالب بالخُلقُ الحسن العظيم بقوله : (( أشبهت خلقي وخُلقي )) .

ولقد أثمرت توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه جيلاً مجاهداً شجاعاً يبذل النفس والمال ، ويضحي بكل ما يملك في سبيل إعلاء كلمة التوحيد ونصرة دين الله ، ولقد كانت لأولئك الشباب بطولات رائعة ومواقف خالدة ، حسبنا نماذج موجزة من أحوالهم في الجهاد ونصرة دين الله والدفاع عن رسول الله .

1- عمير بن أبي وقاص في السادسة عشر من عمره يخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته يوم بدر ، فكان يتوارى ويجتهد لئلا يراه أحد ، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يرده ؛ لأنه لم يبلغ مبالغ الرجال ، فبكى عمير ، ورقّ قلبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجازه وقُتل شهيداً في هذه الغزوة .

2- روى البخاري ومسلم عن عبدالرحمن بن عوف قال : بيّنا أنا في الصف يوم بدر ، إذ التفتُّ عن يميني وعن يساري فإذا فتيان حديثا السن فقال لي أحدهما سرّاً من صاحبه : ياعم ، أرني أبا جهل ، فقلت : يا ابن أخي وما تصنع به ؟ قال : عاهدت الله إن رأيته أن اقتله أو أموت دونه . فقال لي الآخر سرّاً من صاحبه مثله . قال : فما سرّني أني بين رجلين مكانهما ، فأشرت لهما إليه فشدّا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه . وهما ابنا عفراء.

3- وفي معركة أُحد ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من الفتيان لم يبلغوا الخامسة عشرة فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن رافعاً رامٍ فأجازه ، ولكن لشوق سمرة بن جندب للشهادة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أجزت هذا ورددتني ولو صارعته لصرعته . فقال : (( فدونكه )) فصارعه فصرعه سمرة  فأجازه .

4- ويتجلى أثر التربية النبوية واضحاً في مواقف حنظلة بن أبي عامر ، وكان عروساً ليلة أُحد ، فعندما سمع النداء عجّل بالخروج ، ولم يغتسل وقاتل حتى استشهد ، وعندما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (( إن صاحبكم لتغسله الملائكة )) ولذا عُرف بعد ذلك بـ (( غسيل الملائكة أو الغسيل )) .

5- ولقد أثمرت توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم في تطلعات الشباب وآمالهم ، فلقد كان الواحد منهم يجتهد في فعل ما يرضي ربه . قال عوف بن الحارث يوم بدر : يارسول الله ما يضحك الرب من عبده ؟ قال : (( غمسة في العدو حاسراً )) فنزع درعاً كانت عليه فقذفها ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قُتل .

إنها التربية النبوية التي أدت بهذا الشاب إلى سؤال النبي صلى الله عليه وسلم هذا السؤال الغريب العجيب ، فقد كان همُّه وشغله الشاغل أن يتقرب إلى ربه وهو في ساحة القتال بأحب الأعمال إلى الله .

هكذا هو جيل الشباب ، الجيل الذي تربى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتفى أثره ، واستنّ بسنته ، وأدرك حقيقة هذا الدين ، ثم آمن بالله ربّاً  ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً . ولما كان إيمانهم راسخاً انبثق عنه سلوك عملي ظهر في حياتهم الخاصة والعامة ، وعباداتهم ، ومعاملاتهم ، وفي حرصهم على نشر الخير في الأرض كلها .

وما أحوجنا في هذه الأزمنة إلى جيل مؤمن بربه ، مقتدٍ بنبيه ، يقود الأمة إلى سابق عزها وسؤددها ، وهذا لن يتأتى إلا بالاهتمام بالنشء وتربيتهم تربية إيمانية مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق