كيف وضع عمر القبلة في توسعته:
لقد كان الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم من السلف يحترمون قبلة المسجد النبوي ويرون أنها وضعت بالوحي فهي مسامتة للبيت الحرام ولهذا لم يقدم أحد من الخلفاء والسلاطين على زيادة المسجد من جهة القبلة بعد عمر وعثمان رضي الله عنهما.
ولما أراد عمر رضي الله عنه أن يضع مكان القبلة ويؤخرها إلى مكان جدار زيادته نادى الصحابة رضي الله عنهم ليشهدوا وضع قبلتهم فقال رجل من الصحابة - ولعله مسلم بن حباب - إنه سمع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يوماً وهو جالس في مصلاه يقول " لو زدنا في مسجدنا " وأشار بيده نحو القبلة فاخذ عمر رضي الله عنه رجلاً وأجلسه في المصلى ثم رفع يده باتجاه القبلة وجعل الصحابة رضي الله عنهم يخفضون يد هذا الرجل ويرفعونها حتى تيقنوا أنها استقامت على نحو ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مدوا حبلاً فوضعوا طرفه في يد الرجل ثم مدوه فلم يزالوا يقدمونه ويؤخرونه حتى رأوا أنه صار نحو إشارة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهكذا وضع عمر رضي الله عنه قبلة المسجد بهذا التحري الدقيق والحرص الشديد الذي لا يمكن حصوله بعد موت الصحابة رضي الله عنهم الذين حضروا وضع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لقبلة مسجده وشاهدوا إشارته بيده إلى جهة القبلة في الزيادة المؤملة.
المقال السابق
المقال التالى