عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم الجزء الثالث_زاد المعاد
تاريخ الاضافة 2007-11-27 06:04:40
المشاهدات 2484
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

 
في هديه في علاج السحر


 الذي سحرته اليهود به قد انكر هذا طائفة من الناس وقالوا لا يجوز هذا عليه وظنوه نقصا وعيبا وليس الامر كما زعموا بل هو من جنس ما كان يعتريه من الاسقام والأوجاع وهو مرض من الامراض وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت سحر رسول الله حتى إن كان ليخيل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن وذلك أشد ما يكون من السحر

 

 


قال القاضي عياض والسحر مرض من الامراض وعارض من العلل يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته وأما كونه يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من صدقة لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا وإنما هذا فيما يجوز طروه عليه في امر دنياه التي لم يبعث لسببها ولا فضل من أجلها وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر فغير بعيدأنه يخيل إليه من امورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان والمقصود ذكر هديه في علاج هذا المرض وقد روي عنه فيه نوعان احدهما وهو ابلغهما استخراجه وإبطاله كما صح عنه أنه سأل ربه سبحانه في ذل فدل عليه فاستخرجه من بئر فكان   مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر فلما استخرجه ذهب ما به حتى كأنما انشط من عقال فهذا من ابلغ ما يعالج به المطبوب وهذا بمنزلة إزلة المادة الخبيثة وقلعها من الجسد بالاستفراغ


والنوع الثاني الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر فإن للسحر تأثيرا في الطبيعة وهيجان أخلاطها وتشويش مزاجها فإذا ظهر أثره في عضو وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضو نفع جدا وقد ذكر أبو عبيدة في كتاب غريب الحديث له بإسناده عن عبدالرحمن بن أبي ليلى أن النبي احتجم على رأسه بقرن حين طب قال ابو عبيدة معنى طب أي سحر وقد أشكل هذا على من قل علمه وقال ما للحجامة والسحر وما الرابطة بين هذا الداء وهذا الدواء ولو وجد هذا القائل ابقراط او ابن سينا او غيرهما قد نص على هذا العلاج لتلقاه بالقبول والتسليم وقال قد نص عليه من لا يشك في معرفته وفضله فاعلم أن مادة السحر الذي أصيب به انتهت إلى رأسه إلى احدى قواه التي فيه بحيث كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله وهذا تصرف من الساحر في الطبيعة والمادة الدموية بحيث غلبت تلك المادة على البطن المقدم منه فغيرت مزاجه عن طبيعته الاصلية

 


والسحر هو مركب من تأثيرات الارواح الخبيثة وانفعال القوى  الطبيعية عنها وهو أشد ما يكون من السحر ولا سيما في الموضع الذي انتهى السحر إليه واستعمال الحجامة على ذلك المكان الذي تضررت أفعاله بالسحر من أنفع المعالجة إذا استعملت على القانون الذي ينبغي

 


قال ابقراط الاشياء التي ينبغي أن تستفرغ يجب أن تستفرغ من المواضع التي هي إليها أميل بالاشياء التي تصلح لاستفراغها
وقالت طائفة من الناس إن رسول الله لما أصيب بهذا الداء وكان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله ظن أن ذلك عن مادة دموية أو غيرها مالت إلى جهة الدماغ وغلبت على البطن المقدم منه فأزالت مزاجه عن الحالة الطبيعية له وكان استعمال الحجامة إذ ذاك من ابلغ الأدوية وأنفع المعالجة فاحتجم وكان ذلك قبل أن يوحى إليه أن ذلك من السحر فلما جاءه الوحي من الله تعالى وأخبره أنه قد سحر عدل إلى العلاج الحقيقي وهو استخراج السحر وإبطاله فسأل الله سبحانه فدله على مكانه فاستخرجه فقام كأنما انشط من عقال وكان غاية هذا السحر فيه إنما هو في جسده وظاهر جوراحه لا على عقله وقلبه ولذلك لم يكن يعتقد صحة ما يخيل إليه من اتيان النساء بل يعلم أنه خيال لا حقيقة له ومثل هذا قد يحدث من بعض الامراض والله اعلم


فصل


ومن انفع علاجات السحر الأدوية الإلهية بل هي أدويته النافعة بالذات فإنه من تأثيرات الارواح الخبيثة السفلية ودفع تأثيرها يكون بما يعارضها ويقاومها من الاذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعله  وتأثيرها وكلما كانت اقوى واشد كانت ابلغ في النشرة وذلك بمنزلة التقاء جيشين مع كل واحد منهما عدته وسلاحه فأيهما غلب الآخر قهره وكان الحكم له فالقلب إذا كان ممتلئا من الله مغمورا بذكره وله من التوجهات الدعوات والاذكار والتعوذات ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له ومن اعظم العلاجات له بعد ما يصيبه

 


وعند السحرة أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة والنفوس الشهوانية التي هي معلقة بالسفليات ولهذا فإن غالب ما يؤثر في النساء والصبيان والجهال واهل البوادي ومن ضعف حظه من الدين والتوكل والتوحيد ومن لانصيب له من الاوراد الإلهية والدعوات والتعوذات النبوية

 


وبالجملة فسلطان تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة التي يكون ميلها إلى السفليات قالوا والمسحور هو الذي يعين على نفسه فإنا نجد قلبه متعلقا بشيء كثير الالتفات إليه فيتسلط على قلبه بما فيه من الميل والالتفات والارواح الخبيثة إنما تتسلط على الأرواح تلقاها مستعدة لتسلطها عليها بميلها إلى ما يناسب تلك الأرواح الخبيثة وبفرغها من القوة الألهية وعدم أخذها للعدة التي تحاربها بها فتجدها فارغة لا عدة معها وفيها ميل إلى ما يناسبها فتتسلط عليها ويتمكن تأثيرها فيها بالسحر وغيره والله أعلم 


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق