وسلك رسول صلى الله عليه وسلم في اتجاهه نحو خيبر جـبل عــصر ـ بالكسر، وقيل: بالتحريك ـ ثم على الصهباء، ثم نزل على واد يقال له: الرجيع، وكان بينه وبين غطفان مسيرة يوم وليلة، فتهيأت غطفان وتوجهوا إلى خيبر، لإمداد اليهود، فلما كانوا ببعض الطريق سمعوا من خلفهم حساً ولغطاً، فظنوا أن المسلمين أغاروا على أهاليهم وأموالهم فرجعوا، وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر.
ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الدليلين اللذين كانا يسلكان بالجيش ـ وكان اسم أحدهما: حُسَيْل ـ ليدلاه على الطريق الأحسن، حتى يدخل خيبر من جهة الشمال ـ أي جهة الشام ـ فيحول بين اليهود وبين طريق فرارهم إلى الشام، كما يحول بينهم وبين غطفان.
قال أحدهما: أنا أدلك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل حتى انتهي إلى مفرق الطرق المتعددة وقال: يا رسول الله، هذه طرق يمكن الوصول من كل منها إلى المقصد، فأمر أن يسمها له واحداً واحداً. قال: اسم واحد منها حزن، فأبي النبي صلى الله عليه وسلم من سلوكه، قال: اسم الآخر شاش، فامتنع منه أيضاً، وقال: اسم الآخر حاطب، فامتنع منه أيضاً، قال حسيل: فما بقي إلا واحد. قال عمر: ما اسمه؟ قال: مَرْحَب، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم سلوكه.
المقال السابق
المقال التالى