حرف النون
نخل مذكور في القرآن في غير موضع وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال بينا نحن عند رسول الله إذ أتي بجمار نخلة فقال النبي إن من الشجر شجرة مثلها مثل الرجل المسلم لا يسقط ورقها أخبروني ما هي فوقع الناس في شجر البوادي فوقع في نفسي أنها النخلة فأردت أن أقول هي النخلة ثم نظرت فإذا أنا أصغر القوم سنا فسكت فقال رسول الله هي النخلة فذكرت ذلك لعمر لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا ففي هذا الحديث إلقاء العالم المسائل على أصحابه وتمرينهم واختبار ما عندهم وفيه ضرب الأمثال والتشبيه وفيه ما كان عليه الصحابة من الحياء من أكابرهم وإجلالهم وإمساكهم عن الكلام بين أيديهم وفيه فرح الرجل بإصابة ولده وتوفيقه للصواب وفيه أنه لا يكره للولد أن يجيب بما يعرف بحضرة ابيه وإن لم يعرفه الأب وليس في ذلك إساءة أدب عليه وفيه ما تضمنه تشبيه المسلم بالنخلة من كثرة خيرها ودوام ظلها وطيب ثمرها ووجوده على الدوام وثمرها يؤكل رطبا يابسا وبلحا ويانعا وهو غذاء ودواء وقوت وحلوى وشراب وفاكهة وجذوعها للبناء والآلات والأواني ويتخذ من خوصها الحصر والمكاتل والأواني والمراوح وغير ذلك ومن ليفها الحبال والحشايا وغيرها ثم آخر شيء نواها علف للإبل ويدخل في الأدوية والأكحال ثم جمال ثمرتها ونباتها وحسن هيئتها وبهجة منظرها وحسن نضد ثمرها وصنعته وبهجته ومسرة النفوس عند رؤيته فرؤيتها مذكرة لفاطرها وخالقها وبديع صنعته وكمال قدرته وتمام حكمته ولا شيء أشبه بها من الرجل المؤمن إذ هو خير كله ونفع ظاهر وباطن وهي الشجرة التي حن جذعها إلى رسول الله لما فارقه شوقا إلى قربة وسماع كلامه وهي التي نزلت تحتها مريم لما ولدت عيسى عليه السلام وقد ورد في حديث في إسناده نظر اكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم
وقد اختلف الناس في تفصيلها على الحبلة أو بالعكس على قولين وقد قرن الله بينهما في كتابه في غير موضع وماأقرب أحدهما من صاحبه وإن كان كل واحد منهما في محل سلطانه ومنبته والأرض التي توافقه أفضل وأنفع نرجس فيه حديث لا يصح عليكم بشم النرجس فإن في القلب حبة الجنون والجذام والبرص لا يقطعها إلا شم النرجس وهو حار يابس في الثانية واصله يدمل القروح الغائرة إلى العصب وله قوة غسال جالية جابذة وإذا طبخ وشرب ماؤه أو أكل مسلوقا هيج القيء وجذب الرطوبة من قعر المعدة وإذا طبخ مع الكرسنة والعسل نقى أوساخ القروح وفجر الدبيلات العسر النضج وزهر معتدل الحرارة لطيف ينفع الزكام البارد وفيه تحليل قوي ويفتح سدد الدماغ والمنخرين وينفع من الصداع الرطب والسوداوي ويصدع الرؤوس الحارة والمحرق منه إذا شق بصله صليبا وغرس صار مضاعفا ومن أدمن شمه في الشتاء أمن من البرسام في الصيف وينفع من أوجاع الرأس الكائنة من البلغم والمرة السوداء وفيه من العطرية ما يقوي القلب والدماغ وينفع من كثير من أمراضها وقال صاحب التيسير شمه يذهب بصرع الصبيان نورة روى ابن ماجه من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي كان إذا اطلى بدأ بعورته فطلاها بالنورة وسائر جسده أهله وقد ورد فيها عدة أحاديث هذا امثلها قيل إن أول من دخل الحمام وصنعت له النورة سليمان ابن داود وأصلها كلس جزآن وزرنيخ جزء يخلطان بالماء ويتركان في الشمس أو الحمام بقدر وتشتد زرقته ثم يطلى به ويجلس ساعة ريثما يعمل ولا يمس بماء ثم يغسل ويطلى مكانها بالحناء لإذهاب ناريتها نبق ذكر ابو نعيم في كتابه الطب النبوي مرفوعا إن آدم لما أهبط إلى الأرض كان أول شي أكل من ثمارها النبق في حديث المتفق على صحته أنه رأى سدرة المنتهى ليلة أسري به وإذا نبقها مثل قلال هجر
والنبق ثمر شجر يعقل الطبيعة وينفع من الإسهال ويدبغ المعدة ويسكن الصفراء ويغذو البدن ويشهي الطعام ويولد بلغما وينفع الذرب الصفراوي وهو بطيء الهظم وسويقه يقوي الحشا وهو يصلح الأمزجة الصفراوية وتدفع مضرته بالشهد
واختلف فيه هل هو رطب أو يابس على قولين والصحيح أن رطبه بارد رطب ويابسه بارد يابس
المقال السابق
المقال التالى