عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم أعمال القلوب
الكاتب محمد عبد الرحمن صادق
تاريخ الاضافة 2017-02-25 22:20:21
المشاهدات 618
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

إن اسم الله تعالى (العزيز) يُعطي جرسًا تطرب له الآذان، وتشمخ به النفوس، وتهابه القلوب، وتحار في إدراك حقيقته العقول، وتحاكيه الجوارح الموصولة بالله تعالى فتخضع لعزته تعالى وتنقاد ثم تعتبر المذلة لغير الله تعالى كُفرًا.

فكيف يكون عبد (العزيز) ذليلًا لغيره سبحانه؟

وكيف لمن لاذ بـ (العزيز) أن يسلبه العزة غيره سبحانه؟

ومن هنا ترى أنه من يدرك حقيقة اسم الله تعالى (العزيز) ويحقق معناه في نفسه تراه قوي الإيمان، مرفوع الرأس، ثابت الحُجَّة، واثق الخُطى، مُستقر الحال، رابط الجأش، لا يحيد عن الحق قيد أنملة ولا أقل من ذلك، فهو لا يهاب البطش ولا يُهادن باطلًا أبدًا ولا يخشى في الله لومة لائم.

قال فخر الدين الرازي رحمه الله: "وعزة كل أحد بقدر علو رتبته في الدين، فإنه كلما كانت هذه الصفة فيه أكمل كان وجدان مثله أقل، وكان أشد عزة، وأكمل رفعة".

قال الإمام الغزالي رحمه الله: "من رزقه القناعة حتى استغنى بها عن خَلقه، وأمدَّه بالقوَّة والتَّأييد حتى استولى بها على صفات نفسه، فقد أعزَّه، وآتاه الملك عاجلًا، وسيعزُّه في الآخرة بالتَّقريب".

 

ومن لا يدرك حقيقة اسم الله تعالى (العزيز) ولا يحقق معناه في نفسه يكِله الله تعالى إلى نفسه الأمارة بالسوء فتهوي به فيستسيغ المذلة ويشرب من كأسها حتى الثمالى، ثم يكله الله تعالى إلى أحد من خلقه يُذيقه كأس الذل أصنافًا وألوانًا فما تراه إلا صاغرًا ذليلًا مُهانًا. قال تعالى: {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ} [الشعراء من الآية:44].

وأمام عزة الله تعالى تتصاغر القامات وتنخفض الهامات وتتلاشى المقامات، فأمام عزته سبحانه وتعالى فلا عزة لغيره، وبعزته سبحانه وتعالى يقر كل مخلوق مهما كان شأنه وقدره. قال تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82-83].

 

أولًا: معنى اسم الله تعالى (العزيز):

العزيز (جل جلاله): هو المنيع فلا يُرام جنابه، ولا يناله سوء، وهو الغالب الذي لا يُغلب، والقاهر الذي لا يُقهر، وهو عديم النظير والشبيه، الذي يُعز من يشاء ويُذل من يشاء متى شاء.

قال ابن جرير رحمه الله: العزيز أي الشديد في انتقامه ممن انتقم من أعدائه لذلك قال تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج:8].

قال ابن كثير رحمه الله: "العزيز: الذي عز كل شيء فقهره، وغلب الأشياء فلا ينال جنابه لعزته، وعظمته، وجبروته، وكبريائه".

قال ابن كيسان رحمه الله: "معناه الذي لا يُعجزه شيء، ألم يقل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر من الآية:44].

جاء في (المفردات) للراغب الأصفهاني رحمه الله: العزة حالة مانعة للإنسان من أن يغلب من قولهم أرض عزاز أي صلبة، قال تعالى: {أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء من الآية:139].

جاء في (اشتقاق الأسماء) للزجاجي رحمه الله: "العزيز من العزة أي القوة والغلبة، وهو من الشيء العزيز أي النادر الذي يصعب وجود مثله، وهو أيضًا بمعنى الممتنع، والخطير الذي يقل وجوده، وتشتد الحاجة إليه ويصعب الوصول إليه".

 

ثانيًا: التكامل بين اسم الله تعالى (العزيز) وصفته سبحانه (عزيز) وبين بعض أسمائه وصفاته تعالى الأخرى في القرآن الكريم:

إن اسم الله تعالى (العزيز) وصفة (عزيز) لم يردا في القرآن الكريم منفردين فلقد لازم الاسم اسمًا آخر ولازمت الصفة صفة أخرى.

ففي الأسماء مثل قوله تعالى: (العزيز الحكيم - العزيز العليم - العزيز الحميد - العزيز الرحيم - العزيز الوهاب - العزيز الغفار - العزيز الغفور - العزيز الجبار - القوي العزيز).

وفي الصفات مثل قوله تعالى: (عزيز حكيم - عزيزًا حكيمًا - عزيز غفور - قوي عزيز - لقوي عزيز - قويًا عزيزًا - عزيز ذو انتقام - عزيز مقتدر).

ومن الملاحظ اختلاف الأسماء والصفات من حيث التعريف والتنكير ومن حيث التقديم والتأخير ومن حيث التنوع بما يتوافق مع الموقف الذي تذكر فيه الآية.

1- الله تعالى هو العزيز الحكيم:

- قال تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129].

وقد ذكرت في القرآن الكريم (29 مرة).

ومن صفاته سبحانه أنه عزيز حكيم: قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 260].

وقد ذكرت في القرآن الكريم (13 مرة).

- قال تعالى: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [الفتح: 7].

وقد ذكرت في القرآن الكريم (5 مرات).

الحكيم (جل جلاله): المتصف بكمال الحكمة في الأقوال والأفعال والأحكام والخلق والأمر سبحانه، فلا يقول ولا يفعل إلا الحق والصواب الذي لا يدخل في تدبيره وخلقه خلل، ولا زلل ولا نقص ولا عيب.

الحكيم (جل جلاله): هو الذي يحكم بين عباده بما أراد، يحكم بينهم بالحكم الكوني وهو واقع فلا راد لحكمه، وله الحكم الشرعي التكليفي الذي هو صالح لكل زمان ومكان.

 

2- الله تعالى هو العزيز العليم:

قال تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: 96].

- وقد ذكرت في القرآن الكريم (6 مرات).

- العليم (جل جلاله): هو العالم بما كان وما يكون قبل كونه، وبما سيكون، ولما يكن بعد قبل أن يكون، يعلم ما في السموات السبع، وما في الأرض، وما بينهما وما تحت الثرى.

 

3- الله تعالى هو العزيز الحميد:

قال تعالى: {الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: 1].

- وقد ذكرت في القرآن الكريم (3 مرات).

- الحميد (جل جلاله): هو المحمود في شرعه وأمره ونهيه، وهو المحمود في كل المخلوقات بلسان الحال والمقال في كل الأحوال.

 

4- الله تعالى هو العزيز الرحيم:

قال تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 9].

- وقد ذكرت في القرآن الكريم (13 مرة).

- الرحيم (جل جلاله): هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة، وهي خاصة بهم.

 

5- الله تعالى هو العزيز الوهاب:

قال تعالى: {أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ} [ص: 9].

- وقد ذكرت في القرآن الكريم (مرة واحدة).

- الوهاب (جل جلاله): الكثير الهبات والعطايا، التي لا تعد ولا تحد، تفضلًا وابتداءًا بلا استحقاق ولا عوض ولا غرض، شملت هباته كل الكائنات في الأرض والسموات، التي لا تنقطع في أي وقت من الأوقات.

 

6- الله تعالى هو العزيز الغفار:

قال تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [ص: 66].

وقد ذكرت في القرآن الكريم (3 مرات).

- قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 1-2].

وقد ذكرت في القرآن الكريم (مرة واحدة).

- ومن صفاته سبحانه وتعالى أنه عزيز غفور: قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 28].

وقد ذكرت في القرآن الكريم (مرة واحدة).

- الغفار - الغفور (جل جلاله): المتجاوز عن الذنوب، الساتر للعيوب، إلى ما لا يحصى، مع كمال القدرة والانتقام.

 

7- الله تعالى هو العزيز الجبار...:

قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ . هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ . هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: 22-24]

وقد ذكرت في القرآن الكريم (مرة واحدة).

- الجبار (جل جلاله): هو الذي يجبر الكسر، ويغني الفقير وييسر العسير، ويجبر القلوب المنكسرة لأجله، وهو العلي على خلقه، بعلو الذات والقهر فلا ينال أحد منه تعالى.

 

8- الله تعالى هو القوي العزيز:

قال تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى: 19].

وقد ذكرت في القرآن الكريم (مرتان).

- ومن صفاته سبحانه وتعالى أنه قوي عزيز: قال تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: 21].

وقد ذكرت في القرآن الكريم (4 مرات).

- القوي (جل جلاله): المتناهي في القوة، التي تتصاغر أمام قوته كل قوة، فلا يعتريه تعالى عجز ولا ضعف ولا ذلة.

 

9- من صفاته سبحانه وتعالى أنه عزيز مقتدر:

قال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ . كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ} [القمر: 41-42].

وقد ذكرت في القرآن الكريم (مرة واحدة).

- المقتدر - القدير - القادر (جل جلاله): تدل هذه الأسماء الحسنى على تمام القدرة: فهو تعالى المتناهي في القدرة والاقتدار، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ولا في أي حال من الأحوال، وهو تعالى مقدر مقادير الخلائق، قبل الخلق والتصوير.

 

10- من صفاته سبحانه وتعالى أنه عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ:

قال تعالى: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} [إبراهيم: 47].

وقد ذكرت في القرآن الكريم (3 مرات).

- جاء في (مجموع الفتاوى) للإمام بن تيمية رحمه الله قال: "واسم (المنتقم) ليس من أسماء الله الحسنى الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما جاء في القرآن مقيدًا كقوله تعالى: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة من الآية: 22] وقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} [إبراهيم من الآية:47].

والحديث الذي في عدد الأسماء الحسنى الذي يذكر فيه (المنتقم) فذكر في سياقه "البر التواب المنتقم العفو الرؤوف": ليس هو عند أهل المعرفة بالحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم".

 

بعد هذا الذكر المُوجز لاسم الله تعالى (العزيز) وصفته تعالى (عزيز) واقترانهما بأسماء وصفات أخرى نرى وكأن هذه إشارة من الله تعالى بأن العبد الذي يمتن الله تعالى عليه بـ (العزة) لا بد وأن يتحلى بصفات أخرى تؤهله لكي يؤتيه الله تعالى هذه (العزة) فتكون راسخة في وجدانه متأصلة في نفسه. ا. هـ.

 

- أما من يدعي (العزة) لنفسه ويحاول أن ينازع فيها الله تعالى أو ينازع فيها من امتن الله تعالى عليهم بها فهؤلاء توعدهم الله تعالى بالذل والصغار. ومثال ذلك ما ادعاه أبو جهل لنفسه من العزة والكرامة فأذله الله تعالى وجعله لغيره عبرة وعِظة. قال تعالى: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَاءِ الْجَحِيمِ . ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ . ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ . إِنَّ هَٰذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ} [الدخان: 47-50].

جاء في تفسير الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان:49] قال قتادة: "نزلت في أبي جهل وكان قد قال: ما فيها أعز مني ولا أكرم، فلذلك قيل له: ذق إنك أنت العزيز الكريم".

- قال عكرمة رضي الله عنه: التقى النبي صلى الله عليه وسلم وأبو جهل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ لَكَ {أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ}». فقال: بأي شيء تهددني! والله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا، إني لمن أعز هذا الوادي وأكرمه على قومه، فقتله الله يوم بدر وأذله ونزلت هذه الآية. أي يقول له الملك: ذق إنك أنت العزيز الكريم بزعمك. وقيل: هو على معنى الاستخفاف والتوبيخ والاستهزاء والإهانة والتنقيص، أي قال له: إنك أنت الذليل المهان. ا. هـ.

 

ثالثًا: بعض الأحاديث التي وردت عن عزة الله تعالى:

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا اشتكيتَ فضع يدَك حيثُ تشتكي، وقل: بسمِ اللهِ، "وباللهِ"، أعوذُ بعزَّةِ اللهِ وقُدرتِه من شرِّ ما أجدُ من وَجَعي هذا، ثم ارفَع يدَك ثم أَعِد ذلك وِترًا» (صححه الألباني).

1- عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «أعوذُ بِعزَّتِكَ الَّذي لا إلهَ إلَّا أنتّ أن تُضِلَّنِي، أنتَ الحيُّ، الَّذي لا يَموتُ، والجِنُّ والإنسُ يَموتُونَ» (صححه الألباني).

2- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ آخرَ من يدخلُ الجنَّةَ لرجلٍ يمشي على الصِّراطِ فينكَبُّ مرَّةً ويمشي مرَّةً وقالا في آخرِ الخبرِ فيقولُ ربُّنا تبارَك وتعالى ما يصرُّني منكَ أي عبدي أيرضيكَ أن أُعطيَك منَ الجنَّةِ مثلَ الدُّنيا ومثلَها معَها قال فيقولُ أتَهزأُ بي وأنتَ ربُّ العزَّةِ» قال: فضحِك عبدُ اللَّهِ حتَّى بدَت نواجذُه، ثمَّ قال: ألا تسألوني لمَ ضحِكتُ!، قالوا: لمَ ضحِكتَ؟ قال: لضحِكِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال لنا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ألا تسألوني لمَ ضحِكتُ» قالوا: لمَ ضحِكتَ يا رسولَ اللَّهِ قال: «لضحِكِ الرَّبِّ تبارَك وتعالى حينَ قال أتَهزأُ بي وأنتَ ربُّ العزَّةِ» (رواه ابن خزيمة).

3- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجِئُ المَقتولُ آخذًا قاتلَهُ وأوداجُه تَشخُبُ دَمًا عند ذِي العِزَّةِ، فيقولُ: يا ربِّ! سل هذا فِيمَ قَتَلَنِي؟ فيقولُ: فِيمَ قَتلتَه؟ قال: قتَلتُه لِتكونَ العِزَّةُ لِفلانٍ. قِيلَ: هي للهِ» (قال الألباني: صحيح لغيره).

4- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزالُ جهنمُ تقول: هل من مزيدٍ، حتى يضعَ ربُّ العِزَّةِ فيها قدمَه، فتقول: قط قط وعزَّتِك، ويزوى بعضُها إلى بعضٍ» (رواه البخاري).

5- جاء في حديث الشفاعة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «... ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد. ثم أخر له ساجدا. فيقال لي: يا محمد! ارفع رأسك. وقل يسمع لك. وسل تعط. واشفع تشفع. فأقول: يا رب! ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله. قال: ليس ذاك لك (أو قال: ليس ذاك إليك) ولكن، وعزتي! وكبريائي! وعظمتي! وجبريائي! لأخرجن من قال: لا إله إلا الله» (رواه مسلم).

6- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما زِلتُ أشفعُ إلى ربِّي عزَّ وجلَّ ويشفِّعُني وأشفعُ ويشفِّعُني حتَّى أقولَ: أي ربِّ شفِّعني فيمَن قالَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ فيقولُ: هذه لَيسَت لكَ يا محمَّدُ ولا لأحدٍ؛ هذه لي وعزَّتي وجلالي ورحمتي لا أدعُ في النَّارِ أحدًا يقولُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ» (صححه الألباني).

7- عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثةٌ لا يُسأَلُ عنهم: رجلٌ فارَقَ الجماعةَ وعصَى إمامَه فماتَ عاصيًا؛ فلا يُسأَلُ عنهُ، وأَمَةٌ أو عبدٌ أَبَقَ مِن سيدِه، وامرأةٌ غاب عنها زوجُها وكَفاها مَؤونةَ الدُّنيا فتبرَّجَت وتمرَّجت بعدَه وثلاثةٌ لا يُسأَلُ عنهُم: رجلٌ نازعَ اللهَ رِداءَه؛ فإنَّ رداءَه الكِبرياءُ وإزارَه عِزُّهُ، ورجلٌ شكَّ في أمرِ اللهِ، والقَنُوطُ مِن رحمةِ اللهِ» (صححه الألباني).

8- عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال اللهُ عزَّ وجلَّ، وعزَّتي لا أَجمَعُ لعبدي أَمنَينِ ولا خَوفَينِ، إن هو أَمِنَنِي في الدنيا أَخَفتُهُ يومَ أَجمَعُ فيهِ عبادِي، وإن هو خَافَنِي في الدنيا أَمَّنتُهُ يومَ أَجمَعُ فيهِ عِبادِي» (صححه الألباني).

9- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "يا رسولَ اللَّهِ إنَّا إذا رأيناكَ رقَّت قلوبُنا وَكُنَّا من أَهلِ الآخرةِ، وإذا فارقناكَ أعجبَتنا الدُّنيا، وشمَمنا النِّساءَ والأولادَ". قالَ: «لَو تَكونونَ -أو قالَ: لَو أنَّكم تَكونونَ- على كلِّ حالٍ على الحالِ الَّتي أنتُم عليها عندي، لصافحتكمُ الملائِكَةُ بأَكُفِّهِم، ولزارتكُم في بيوتِكُم، ولَو لَم تُذنِبوا، لجاءَ اللَّهُ بقَومٍ يذنِبونَ كَي يُغفَرَ لَهُم قالَ: قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ، حدِّثنا عنِ الجنَّةِ، ما بناؤُها قالَ: لَبنةُ ذَهَبٍ ولَبنةُ فضَّةٍ، ومِلاطُها المِسكُ الأذفرُ، وحصباؤُها اللُّؤلؤُ والياقوتُ، وترابُها الزَّعفرانُ، مَن يدخلُها ينعمُ ولا يبأسُ، ويخلدُ ولا يموتُ، لا تبلَى ثيابُهُ ولا يفنَى شبابُهُ ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهُم: الإمامُ العادلُ، والصَّائمُ حتَّى يُفطِرَ، ودعوةُ المظلومِ تُحمَلُ على الغمامِ، وتُفتَحُ لَها أبوابُ السَّماءِ، ويقولُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ: وعزَّتي لأنصرنَّكَ ولَو بعدَ حينٍ» (رواه الإمام أحمد في مسنده).

والأحاديث في هذا الجانب كثرة وإنما سيقت هذه الأحاديث للمثل والاستدلال.

وأخيرًا:

إن من أراد العزة فلا يطلبها إلا من (العزيز) وبطاعة (العزيز) سبحانه وتعالى فما عنده لا يُدرك إلا بطاعته وبحوله وقوته فهو سبحانه من خضعت لعظمته الرقاب وذلت لجبروته الصعاب ولانت لقدرته الشدائد ‏الصلاب، والكل تحت سلطانه وقهره وكل ‏شيء دونه فلا شيء أعظم منه ولا شيء أعز منه.

 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق