بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
بر الوالدين من أعظم سبل النجاة، وهي عبادة لها مكانة عالية في الإسلام، ويكفي بهذه العبادة شرفا أن الله عز وجل أمر بها بعد توحيد الله سبحانه؛ قال الله تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء:25]، وبر الوالدين أجل الوسائل للوفاء بصلة الرحم التي أمر الله تعالى بها، ولقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الوفاء بحق هذه العبادة الشريفة في كثير من الأحاديث النبوية؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه قال: «أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: إني جئتُ أبايعك على الهجرةِ، ولقد تركت أبويَّ يبكيانِ! قال: ارجعْ إليهما فأضحكْهما كما أبكيتَهما» (النسائي وصححه الألباني).
يجب على المسلم أن يحرص على البر بوالديه في حياتهما وبعد الممات، ففي حياتهما يقتنص كل الفرص للعمل على القرب منهما، ويبحث عن السبل المتاحة لبث السعادة والسرور إليهما، ولقد أكرم الله تعالى المسلمين بأن وفر لهم سبل البر في الحياة وبعد الممات، ولذا فعلى المسلم أن يقوم بتفعيل هذا النهج ليسعد بالبر، ويساهم في أداء بعض الحقوق لوالديه، ويتقرب من الله جل جلاله، ولقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الاستغفار للوالدين والتصدق عنهما سبب في حصولهم على أجر كبير من الله تعالى؛ فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الرَّجلَ لتُرفَعُ درجتُه في الجنةِ فيقولُ: أنَّى هذا؟ فيقالُ: باستغفارِ ولدِك لكَ» (ابن ماجه وصححه الألباني)َ، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: «أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: إنَّ أمِّي افتُلِتَت نفسُها ولم توصِ، وإنِّي أظنُّها لو تَكَلَّمت لتصدَّقَت، فلَها أجرٌ إن تصدَّقتُ عَنها وليَ أجرٌ؟ قالَ: نعَم» (ابن ماجه وصححه الألباني).
أخي الكريم: احرص يوميا على الدعاء للوالدين ولا تغفل عن ذلك، سارع إلى التصدق عنهما كلما تيسرت السبل ولو بزجاجة مياه تعطيها لمحتاج، فتنال بفضل الله الكريم أجر الصدقة، وأجر بر الوالدين، وتكون سببا في حصولهم على الأجر من الله الكريم، وتصبح في رضوان من الله تعالى، وإن أبكيتهما فارجع إليهما فأضحكهما. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المحسنين، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
المقال السابق
المقال التالى