بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أحبتي الأفاضل هناك أمر خطير انتشر بين الناس بشكل كبير جدًا ألا وهو اللعن، فقد كنا في السابق لا نسمع هذه الكلمة إلا في النادر والنادر جدًا فلا نكاد نسمعها إلا في وقت الغضب الشديد جدًا من بعض الأشخاص، ولكن في هذه الأيام صار البعض يلعن أو تلعن في الغضب والرضا والضحك والحزن والجد والهزل والتعب والراحة وعلى كل حال وفي كل وقت.
وكنا نسمع الشخص الغاضب غضبًا شديدًا قد يلعن الشخص الذي غضب عليه فقط ولكن في وقتنا صرنا نسمع بعض الوالدين يلعنون ذريتهم والابن أو البنت يلعنون والديهم والذرية يتلاعنون فيما بينهم، وبعض الأصدقاء كذلك والأقارب والصغار والكبار والزوجة قد تلعن زوجها وبالعكس، وكذلك بعض الطلاب والطالبات وبعض المعلمين والمعلمات و بعض الرؤوساء والمرؤوسين.
بل إن البعض قد يلعن أشياء لا تستحق اللعن فإذا تعطل جهاز لعناه، وإذا تغير الجو فقد يطلق البعض اللعنة على الشمس أو الريح أو السحب أو الغبار، وإذا شاهد البعض المباريات لعن الفريق المقابل والحكم والجمهور والمعلق وبعض اللاعبين، وغير ذلك الكثير الكثير فلا يمر يوم إلا ونسمع من يطلق هذه الكلمة بلا مبالاة من دون أن يشعر بخطورة هذا الشيء الذي يفعله، ولذلك سوف أذكر سبعة أمور تبين لنا مدى خطورة اللعن ثم أعقبها بسبعة أمور علاجية للتخلص – بإذن الله – من هذه العادة السيئة:
خطورة اللعن:
1- حرمان الشفاعة يوم القيامة عن أبي الدَّرْدَاءَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [صحيح مسلم:2598]. فهناك شفاعة للنبي صلى الله عليه وسلم وهناك شفاعة للمؤمنين وللصالحين، فيشفعون عند الله لأقوام وجبت لهم النار فيخرجون منها بفضل الله ثم بفضل هذه الشفاعة، وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري الطويل - حديث الشفاعة - وفيه: «حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار يقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون فيقال لهم أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقًا كثيرًا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه ..... إلى آخر الحديث» [صحيح مسلم:183].
فاللعانون يحرمون هذه الشفاعة فلا يشفعون لإخوانهم الذين استوجبوا النار والعياذ بالله، فتخيلوا –غفر الله لي ولكم – أن أحد أحبابنا في النار وقد بلغت منه النار إلى نصف ساقيه أو إلى ركبتيه – والعياذ بالله – وقد بلغ منه الهم والحزن والغم مبلغه ثم لا نستطيع أن نشفع له عند الله لماذا ؟ لأننا تعودنا في الدنيا التلفظ بكلمة اللعن فحرمنا تلك الشفاعة.
2- حرمان الشهادة عن أبي الدَّرْدَاءَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [صحيح مسلم:2598]. ولا شهداء: فيه ثلاثة أقوال أصحها وأشهرها لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات، والثاني لا يكونون شهداء في الدنيا أي لا تقبل شهادتهم بفسقهم، والثالث لا يرزقون الشهادة فهي القتل في سبيل الله كذا قال النووي. قال المنذري: وأخرجه مسلم. وكلنا نعلم مقام الشهادة والتي قد يبلغها البعض وإن مات على فراشه كما ورد في الحديث ولكن اللعانون يحرمون ذلك كله.
3- اللعن سبب في دخول النار فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: « يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي رأيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ، فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ .... الحديث» [صحيح البخاري: 1462] والمشاهد إكثار بعض النساء من اللعن بشكل كبير جدًا حتى صار وكأنه وجبة يومية لا بد من تناولها وهذا مصداق لحديث النبي صلى الله عليه وسلم السابق، وكذلك الرجال فإن من أكثر من اللعن يخشى عليه أن يدخل تحت هذا الوعيد – حمانا الله وإياكم – الوارد في الحديث.
4- اللعانون يسبون الدهر والله هو الدهر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الْأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» [صحيح البخاري:4826]. فالبعض قد يلعن الريح أو الشمس أو القمر أو السحب أو الليل أو النهار أو غير ذلك من مخلوقات الله، أو يلعن الرجل اليوم الذي غادر فيه مدينته إلى مدينه أخرى أو تلعن المرأة الليلة التي أصيبت فيها بمرض وهكذا، وهذا من أشد أنواع السب ومن فعل ذلك فكأنه – والعياذ بالله – يسب الله لأنه هو خالقها ومنشأها ومكورها بيده الأمر سبحانه وهو على كل شيء قدير.
5 - قد تعود اللعنة على صاحبها حديث أَبَي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا، رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا ، وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا» [صحيح الجامع:1672]. وعن ابن عباس أن رجلًا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تلعن الريح فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه» [صحيح الترمذي:1978].
6 -قد يدخل في من لعنوا على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ الْمَنَارَ» [صحيح مسلم:1978]، فبعض الأشخاص قد – ونعوذ بالله من ذلك – يلعن والديه مباشرة ومنهم من قد يلعنهم بشكل غير مباشر فقد يقابل رجل رجل آخر و يطلق اللعنة على والده فيرد ذلك الشخص بلعن والد الرجل الأول، وقد تلعن إمرأة أم إمرأة أخرى فتلعن تلك المرأة أم المرأة الأولى، وهكذا قد نتسبب في لعن والدينا بهذه الطريقة، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ يَشْتُمَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَشْتُمُ أَبَاهُ، وَيَشْتُمُ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ» [صحيح مسلم:90].
7- إن لعن المؤمن كقتله عَنْ أَبِي قِلَابَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ» [صحيح البخاري:6047]، ولا يخفى ما في هذا الحديث من شديد العقاب، وأليم العذاب لمن لعن مؤمنًا، فمن لعن مؤمنًا فكأنه قتله، والقتل من أبشع الجرائم على الإطلاق، وهو من أكبر الكبائر والعياذ بالله، وصاحبه مخلد في النار، كما قال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93].
وهناك أمورًا أخرى تتعلق بخطورة اللعن لم أذكرها خوفًا من الإطالة، ولكن أخي، أختي ألا تكفي هذه الأشياء التي ذكرتها من خطورة هذا الأمر الذي نحن غافلون عنه؟! ألا تكفي لترك اللعن فوالله إن كل واحد منها يجعلنا نطهر ألسنتنا من هذه العادة الخطيرة مباشرة، وسوف أذكر الآن سبعة أمور علاجية تساعد – بإذن الله – في التخلص من اللعن إلى الأبد:
1- الصلاة، فكما قال الله عز وجل: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45] يقول الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله في سياق كلامه عن هذه الآية: "ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها، وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تنعدم رغبته في الشر، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه تنهى عن الفحشاء والمنكر فهذا من أعظم مقاصد الصلاة وثمراتها،...... إلى آخر كلامه رحمه الله". فنريد أن يزداد تعلقنا بالصلاة والحرص على أدائها في وقتها، والتبكير للمسجد حتى تصبح قرة أعيننا في الصلاة، وبذلك سوف تنهانا هذه الصلاة عن اللعن وسوف تطهر ألسنتنا منه.
2- الدعاء، {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60] وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186]، فعليكم بالإكثار من الدعاء و تحين أوقات الإجابة مثل ثلث الليل الآخر ونزول المطر ولقاء العدو وبين الآذان والإقامة وفي السجود والساعة الأخيرة من عصر الجمعة، فألحوا على الله في أن يخلصكم من اللعن ويرزقكم ألسنة طاهرة نقية لا يخرج منها إلا ما يرضيه، وصدقوني من صدق مع الله وألح في دعائه وتجنب موانع الدعاء فسوف يستجاب له بإذن الواحد الأحد.
3- الإكثار من قراءة القرآن، فمن تدبر كتاب الله وجد هناك الكثير من الآيات التي ذكر الله فيها أن القرآن هدى فمنها قوله سبحانه {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة:2]، وقال: {هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ} [لقمان:3]، وقال: {هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:52] وقال: {وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:102]، وقال: {هُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89]، وقال: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا . وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإسراء:9:10]، وقال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت:44]، بل حتى الجن قالوا عندما سمعوا القرآن: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} [الجن:1:2]، فلنجعل لأنفسنا وردًا من القرآن يوميًا نقرأه فلو قرأنا جزء كل يوم لختمنا القرآن مرة شهريًا وكلما أكثرنا من قرآته وتدبره والعيش معه والوقوف عند عجائبه فبحول الله سوف يكون مطهرًا لألستنا من هذا الداء الخطير.
4- التقرب إلى الله بالنوافل، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ قال: من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه: كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه، وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه ترَدُّدي عن نفسِ المؤمنِ، يكرهُ الموتَ وأنا أكرهُ مُساءتَه» [صحيح البخاري:6502]
ففي هذا الحديث كلما تقربت إلى الله بنوافل العبادات قد تصل إلى مرحلة يحفظ الله عز وجل جوارحك كاملة فلا تفعل إلا ما يرضيه، وسوف يحميك ويبعدك عن كل قول فاحش وليس اللعن فقط. فعلينا الحرص بعد الفرائض على الاهتمام بالنوافل فلو حافظنا على صلاة النافلة وعلى صيام النافلة كصيام الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر، وكان لنا صدقات وأعمال بر خفية لا يعلمها إلا الله كل ذلك يساعدنا على الفكاك من أسر هذة الأفة.
5- التعويد والعقاب، فكما تعوددت ألسنتنا على اللعن نعودها على تركه، فبدل أن تقول الله يلعنك يا فلان قل الله يهديك الله يصلحك وهكذا، وأنتي أيتها المسلمة الكريمة بدل أن تقولي لعنة الله عليكي يا فلانة قولي نعمة الله عليكي فإذا لم ينفع ذلك فلابد من معاتبة النفس بل قولوا معاقبتها إما بحرمانها من شيء تحبه وإما بجبرها على شيء لاتريده فمثلًا نحرمها من الخروج ذلك اليوم أو نحرمها من أكلة مفضلة لمدة أسبوع أو في كل مرة نلعن فيها نتصدق بمبلغ من المال أو نصلي ركعتين أو نصوم يوم وهكذا وكل منا أعرف بنفسه، وكان هذا من عمل الصالحين فقد عاتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه نفسه على تفويت صلاة عصر في جماعة، وتصدق بأرض من أجل ذلك تقدر قيمتها بمائتي ألف درهم.
وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا فاتته صلاة في جماعة أحيا تلك الليلة بكاملها، وأخَرَّ يومًا صلاة المغرب حتى طلع كوكبان فأعتق رقبتين. وحضر إبراهيم ابن أدهم - أحد السلف الصالح – طعامًا عند أحد الأشخاص فقال بعض الحاضرين: أين فلان فقال آخر: لم يأتي أنه ثقيل، فقال إبراهيم: لا إله إلا الله من أجل هذه اللقمة حضرت غيبة مسلم فحرم نفسه من الأكل ثلاثة أيام.
6- مرافقة الصالحين، فالقرب من أهل الخير والصلاح علاج نافع لهذ العادة الذميمة فلن نستطيع أن نلعن ونحن معهم وإذا انفلت اللسان بزلة ساعدونا على تركها ومع الزمن سوف تستقيم ألسنتنا ولا يخرج منها إلا كل ما يرضي ربنا.
7- مجاهدة النفس، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]. فكل الأمور التي ذكرتها لعلاج اللعن لابد لها من المجاهدة والمصابرة والتصبر لكي يتحقق الأمر الذي نريده. وكان عليٌّ رضي الله عنه يقول: "رحم الله أقوامًا يحسبهم الناس مرضى، وما هم بمرضى وذلك من آثار مجاهدة النفس".
هذا والله أعلم وأجل وأكرم وصلى الله على محمد عبد الله ورسوله وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.