كيف أتوكل على الله كيف أكون عابدًا متوكلًا متجردًا لله تعالى؟
وهل التوكل يحتاج لمعرفة قبل العمل به؟
بداية فإننا لابد أن نفهم جيدًا اسم الله تعالى "الوكيل" حتى ندعوه ونعبده به سبحانه وتعالى.
فالوكيل هو الكافي، الكفيل.
والوكيل له معنيان: فمعناه العام أي المتكفل بأرزاق جميع المخلوقات وأقواتها القائم بتدبير شؤون الكائنات وتصريف أمورها، كما في قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود:12].
ومعناه الخاص -مقتصر على عباده المؤمنين به المتوكلين عليه- أي الكافي لمن التجأ إليه والحافظ لمن اعتصم به {رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل:9].
والتوكل مقام من مقامات هذا الدين وهو جزء من توحيد القصد والطلب، وهو عبادة قلبية يتجرد فيها المرء عن كافة أسباب الدنيا ويدفعها من قلبه دفعًا، ليلتجئ إلى خالق هذه الأسباب، إن المؤمن يعرف أدوات هذه الأسباب ويعلم جيدًا كيف يستخدمها لكن استخدامه لها لا يتعدى يداه فلا يتسرب إلى قلبه بحال.
لأنه يعلم يقينا أن جميع الأسباب ومسبباتها من الله تعالى وبيده وحده ويدرك كيف أن تلك المسببات -سواءً النافذة لحصول السبب أو المانعة لحصوله- جميعها ناقصة ومفتقرة إلى خالقها سبحانه وتعالى، عاجزة عن الحدوث إلا بإذنه.
كما أنه يوقن أن الله تعالى سبحانه وتعالى هو الغني بذاته المنزه عن كل نقص وما سواه فقير بالذات يستمد الغنى من الله وحده لا شريك له.
فالواجب علينا إذًا أن نزيد يقيننا بتلكم المعادلة البسيطة ألا وهي أن جميع الأسباب ومسبباتها هي فقيرة عاجزة بذاتها لا غنى لها إلا من الله وبإذنه وأن الله جل جلاله غني بذاته منزه عن الفقر والعجز والنقصان.
المقال السابق
المقال التالى