عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم رحمته للعبيد والخدم
تاريخ الاضافة 2007-11-22 11:50:04
المشاهدات 4633
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

لقد كانت دعوة النبي  ~ صلى الله عليه و سلم ~ دعوة لحرية الإنسان ، والقضاء على العبودية ، فقرر الحرية الإنسانية وجعلها من دلائل تكريم الخالق للإنسان، ولذا رأيناه    ~ صلى الله عليه و سلم ~ يول عناية خاصة لتحرير الأرقاء ، عن طريق إلغاء مصادر الرق أولاً ، و تشجيع المسلمين على تحرير عبيدهم، انطلاقاً من قاعدة أن من أعتق عبداً أعتق الله له بكل عضو عضواً من أعضائه من عذاب النار [1] .

ومن ثم نظم الإسلام أحكام الرق، بحيث تضيق في أسباب حدوث الرق، وتوسع في أساليب العتق، ولذلك  - كما يقول إميل درمنغم : - "عُدّ فك الرقاب من الحسنات ومكفرًا لبعض السيئات" [2] .

ويذكر آدم متز [3] أهم أساليب العتق في الإسلام – مبيناً أن العتق يعد مبدأ من مبادىء الإسلام - ، فيقول : "كان في الإسلام مبدأ في مصلحة الرقيق، وذلك أن الواحد منهم كان يستطيع أن يشتري حريته بدفع قدر من المال، وقد كان للعبد أو الجارية الحق في أن يشتغل مستقلاً بالعمل الذي يريده.. وكذلك كان من البر والعادات المحمودة أن يوصي الإنسان قبل مماته بعتق بعض العبيد الذين يملكهم" [4] .

وكان الرسول في مجتمعه الإسلامي إماماً في إقرار مبدأ تحرير العبيد ، حتى أن أسرى الحرب لم يعتبرهم عبيدًا ، وسمح لهم بدفع الفدية أو تعليم أبناء المسلمين لفك أسرهم [5] .

فلم يبق  ~ صلى الله عليه و سلم ~  أيما عبد على عبوديته . فما إن يؤول إليه عبد رقيق، حتى يسارع إلى إعتاقه [6] .

بل رفع ~ صلى الله عليه و سلم ~ من شأن العبيد حتى جعل النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~   -كما يقول نظمي لوقا [7] - "العبدان والأحابيش سواسية وملوك قريش !" [8] .

ومن هنا وقفت قيادات قريش الأرستقراطية في وجه الدعوة التي ترنو إلى تحرير العبيد وتنادي بالمساواة التامة بينهم وبين السادة، ولقد كانت قيادات مكة تساوم قائد الدعوة على طرد هؤلاء العبيد مقابل إقرار قيادات مكة بالإسلام، ومن ثَم نزل القرآن الكريم محذرًا رسول الله أن يترك العبيد أو أن يطردهم، وهم الذي بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الدعوة، ويدعون ربهم الواحد الأحد صباحًا ومساءً، يريدون ببذلهم وجه الله تعالى، لا يبتغون منصبًا أو جاهًا كما يبتغي غالبية السادة.. فقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} [الكهف: 28]، إن هؤلاء العبيد -في الشرع الإسلامي السمح- هم أعظم قيمة وأكثر بركة وأرق أفئدة وأطهر نفسًا، من هؤلاء السادة الذين يستعبدون الناس، ويتجبرون في الأرض بغير الحق.. هؤلاء العبيد نزل من أجلهم الأمر من السماء إلى رائد الدعوة  ~ صلى الله عليه و سلم ~  بأن يضعهم في عينيه! بل نزل التحذير من الله لرسوله~ صلى الله عليه و سلم ~من أن يلتفت عن العبيد إلى زينة الكبراء، أو أن يتلهى عن العبد ويطيع السيد المارق.

أما العبيد فقد وجدوا الكرامة والحرية، في تعاليم الإسلام الإصلاحية، وفك رقابهم من طوق الفقر والذل، وخلصهم من عبادة الحجارة وسياط السادة. بل جعل منهم سادات المسلمين، حتى أُثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعليقًا على حادثة شراء أبو بكر لبلال بن رباح رضي الله عنهما ليعتقه من الرق فقال: "سيدنا وأعتق سيدنا!".

 

------------------------------------------------------------------------------------------------

 

[1]عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم – قال:" من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إرباً منه من النار" (الإرب هو العضو )، صحيح مسلم، باب فضل العتق، حديث رقم 1509

[2] اميل درمنغم :حياة محمد، 290

[3] آدم متز (1869-1917) : باحث ألماني، عين أستاذًا للغات السامية، في جامعة بازل بسويسرا، وقد تخصص بالأدب العربي في العصر العباسي.  من آثاره: (نهضة الإسلام في القرن الرابع الهجري) (1922)، وقد ترجم إلى العربية بعنوان: (الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري).

[4] ا آدم متز : الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، 1 / 290 .

[5] انظر: محمد شريف الشيباني، الرسول في الدراسات الإستشراقية المنصفة، 119

[6] مولانا محمد علي :  نقلاً عن : محمد شريف الشيباني: الرسول في الدراسات الإستشراقية المنصفة، 119

[7] د. نظمي لوقا : كاتب نصراني من مصر. يتميز بنظرته الموضوعية .. كثيرًا ما كان يحضر مجالس شيوخ المسلمين ويستمع بشغف إلى كتاب الله وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم . بل إنه حفظ القرآن الكريم ولم يتجاوز العاشرة من عمره. ألف عددًا من الكتب أبرزها (محمد الرسالة والرسول)، و(محمد في حياته الخاصة).

[8] نظمي لوقا:محمد الرسالة والرسول، ص 185




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق