عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم إحياء سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم _ د. راغب السرجاني
الكاتب د. راغب السرجاني
تاريخ الاضافة 2015-05-07 06:52:08
المشاهدات 871
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

يعتقد بعض الأئمة والدعاة أن قلة حضور المسلمين لدروس العلم تُعْطِي الخطباء العذرَ لكي يُطيلوا خطبة الجمعة؛ وذلك لاستغلال الفرصة لتعليم المسلمين، ولكن الواقع أن السُّنَّة النبوية الصحيحة تقضي بقصر الخطبة على الرغم من كل الأعذار التي يُقَدِّمها الخطباء! فقد روى مسلم عن أَبِي وَائِلٍ قَالَ: خَطَبَنَا عَمَّارٌ رضي الله عنه، فَأَوْجَزَ وَأَبْلَغَ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ؛ لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ، فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ -أي أَطَلْتَ قليلًا- فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ -أي علامة- مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا».

وروى النسائي -وقال الألباني: صحيح- عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه، يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيُقِلُّ اللَّغْوَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ، وَلَا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ، وَالْمِسْكِينِ فَيَقْضِيَ لَهُ الْحَاجَةَ». فهذه هي السُّنَّة، ولقد قرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الواقع المخالف للسُّنَّة، والذي ستُقْبِل الأمة عليه، من كون الخطباء يطيلون في الخطبة، غير مكترثين بتطبيق السُّنَّة؛ فقد روى روى مَالِكٌ -وقال ابن عبد البر: وَرُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَّصِلَةٍ حِسَانٍ مُتَوَاتِرَةٍ- عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ لِإِنْسَانٍ: إنك في زمان كثيرٌ فقهاؤه، قليلٌ قرَّاؤه، تُحْفَظُ فِيهِ حُدُودُ الْقُرْآنِ، وَتُضَيَّعُ حُرُوفُهُ، قَلِيلٌ مَنْ يَسْأَلُ، كَثِيرٌ مَنْ يُعْطِي، يُطِيلُونَ فِيهِ الصَّلَاةَ، وَيُقَصِّرُونَ الْخُطْبَةَ، يُبَدُّونَ أَعْمَالَهُمْ قَبْلَ أَهْوَائِهِمْ، وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ قَلِيلٌ فُقَهَاؤُهُ، كَثِيرٌ قُرَّاؤُهُ، يُحْفَظُ فِيهِ حُرُوفُ الْقُرْآنِ، وَتُضَيَّعُ حُدُودُهُ، كَثِيرٌ مَنْ يَسْأَلُ، قَلِيلٌ مَنْ يُعْطِي، يُطِيلُونَ فِيهِ الْخُطْبَةَ، وَيُقَصِّرُونَ الصَّلَاةَ، يُبَدُّونَ فِيهِ أَهْوَاءَهُمْ قَبْلَ أَعْمَالِهِمْ.

والواقع أن المسلمين في هذا الزمان الذي قَلَّت فيه الدروس والمواعظ يحتاجون إلى تشجيع لحضور خطبة الجمعة مبكِّرين ومُنْصِتِين، ولن يكون ذلك إلا إذا أيقنوا أن الخطيب يحرص على ما قلَّ ودلَّ، وأنهم لن يُصابوا بالملل والضيق إذا حضروا الخطبة من أولى لحظاتها، فليحرص الأئمة على هذه السُّنَّة، وليجتهد المصلُّون الغيورون على سُنَّة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم في إيصال هذه المعاني لخطباء مساجدهم.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق