سُنَّة الزواج ليست سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم وحده؛ إنما هي سُنَّة الأنبياء جميعًا، واختار الله عز وجل أن تكون بداية البشرية واستمرارها عن طريق هذه السُّنَّة؛ فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1]، والإعراض عن هذه السُّنَّة، أو عدم إعطائها أولوية في حياة المسلم يُؤَدِّي إلى فساد كبير في المجتمع؛ لذلك حضَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على الإسراع فيه، وعدم التسويف الذي قد يُضَيِّع السنوات تلو الأخرى؛ فقد روى مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ؛ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ".
والاستطاعة المطلوبة ينبغي أن تكون بسيطة وغير متكلَّفة، وهذا أمر يشترك فيه الشاب المـُقْدِم على الزواج وكذلك أهل الزوجة؛ فينبغي ألا يكون هناك مغالاة أو مبالغة تعيق الزواج؛ بل ينبغي الحرص على إتمامه ولو بأيسر التجهيزات، فإن كان الجميع مُيَسِّرًا فإن الله عز وجل يُعِين عليه بقدرته ورزقه؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: حسن- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلاَثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ".
ولا يحقُّ لشابٍّ أن يزهد في أمر هذه السُّنَّة؛ ولو كان بهدف التفرُّغ للعبادة؛ فقد روى البخاري عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، يَقُولُ: "رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا".
فما بالنا نرى أن كثيرًا من الشباب والأسر يُؤَجِّلون هذه الخطوة إلى ما بعد الدراسات والأسفار والتجارة والأعمال، وهذا كلُّه بهدف الزواج في وضعٍ أكثر راحة أو أحيانًا مُتْرَف! إننا نريد الإسراع الحقيقي في تطبيق سُنَّة الزواج؛ حيث إنها صمامُ أمانٍ للمجتمع والأفراد.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].