هذه سُنَّة قد يستغربها كثير من الناس؛ وهي سُنَّة تعريض الجسد للمطر أول نزوله! فقد روى مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: "لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى".
فالسُّنَّة عند نزول المطر أن يخرج له الناس، ويكشفون جزءًا من جسدهم؛ وذلك دون كشف العورة، ويُعَرِّضون هذا الجزء للمطر بشكل مباشر؛ أي دون حائل الثياب أو المظلات أو غير ذلك، وقد برَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: "لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى". فالمطر قد نزل توًّا من السماء، والمطر حديث الخلق والتكوين، وهو علامة الرحمة والخير، وهو البشرى من الله تعالى، وهو الحياة للأرض والإنسان والحيوان، وهو الجندي المخلص لربِّ العالمين؛ حيث ينزل نعمةً ورحمةً في وقتٍ على بعض العباد، وينزل نقمةً وعذابًا في وقت آخر على عباد آخرين، فلا عجب إن رأينا الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك معه؛ حيث يُشْعِر المؤمنين أننا والمطر في منظومة واحدة متناغمة تعبد الله عز وجل؛ قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: 44].
فلْنحمد الله على نعمة المطر، ولْنُعَرِّض أجسادنا وأجساد أطفالنا لبركة هذا الغيث الكريم، ولنشكر اللهَ على أن جعلنا على سُنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم حريصين.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].