عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم إحياء سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم _ د. راغب السرجاني
الكاتب د. راغب السرجاني
تاريخ الاضافة 2014-12-24 09:37:39
المشاهدات 916
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

دين الإسلام دينٌ يحضُّ أتباعه على النظافة، وكذلك على الشكل الحسن، وأيضًا على الأمور التي تحفظ صحَّة الإنسان، وكلُّ هذا يتحقَّق بأداء سُنَّة الاستحداد، وهو حلق شعر العانة، وسُمِّيَ استحدادًا لأن المرء يستخدم الموسى المصنوع من الحديد في حلق هذا الشعر، والاستحداد من سُنن الفطرة؛ فقد روى البخاري عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الفِطْرَةُ خَمْسٌ: الخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ".

والفطرة -في رأي أغلب العلماء كما ذكر السيوطي- هي السُّنَّة؛ أي سنن الأنبياء، وقيل: هي الدِّين. ولقد رأيتُ فيها معنًى آخر، وهو التوافق مع الطبيعة التي خَلَقَ اللهُ الناسَ عليها، وهي التي ذكرها الله في كتابه قائلاً: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، فاللهُ فَطَرَ الإنسانَ مُحِبًّا للدين، وكذلك فَطَرَه مُحبًّا لأمور الجمال والنظافة والصحَّة، والنفسُ تعاف أن ترى شيئًا قبيحًا؛ لذلك كان مِنْ سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يدخل العائد من سفر طويل على زوجته مباشرة؛ إنما يُعطيها فرصة للاستحداد حتى لا يتأذَّى برؤية ما تعافه النفس، وحتى لا تُحْرَج الزوجة بذلك؛ فقد روى مسلم عَنْ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لهم عند عودتهم من غَزَاةٍ: "أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلاً -أَيْ عِشَاءً- كَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ". والمغيبة هي التي غاب عنها زوجها فترة.

ومِنَ السُّنَّة النبوية ألا تزيد المدَّة بين الاستحداد والآخَر عن أربعين يومًا؛ فقد روى مسلم عَنْ أنس بن مالك رضي الله عنه، قَالَ: "وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لاَ نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً".

وبالطبع يمكن أن نقوم بالاستحداد في وقت أقلَّ من هذا كأسبوع أو أسبوعين لكن المهم ألا يزيد عن أربعين ليلة، ولقد بلغ اهتمام الصحابة بأداء هذه السُّنَّة أن حرص عليها خبيب بن عدي رضي الله عنه وهو أسيرٌ ينتظر القتل! فقد روى البخاري عَنِ ابن شهاب رحمه الله قَالَ: ".. فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ رحمه الله، أَنَّ بِنْتَ الحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا -أي خبيب بن عدي رضي الله عنه- مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَأَعَارَتْهُ..". وبنتُ الحارث هي المرأة التي أوكل لها المشركون حراسة خبيبٍ رضي الله عنه إلى أن يُقْتَل! فانظروا إلى حرص رجلٍ يُقْتَل بعد ساعات على سُنَّةٍ من سنن الفطرة، فنحن بذلك أولى.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق