دين الإسلام دينٌ يحضُّ على تقدير النعمة مهما صغرت في عيون الناس؛ لذلك كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يترك بقايا في قصعة الطعام؛ لأن مصيرها قد يكون إلى الرمي والضياع؛ بينما يُعاني الكثير من أهل الأرض من نقص الطعام والشراب، ومن هنا كانت هذه السُّنَّة الجميلة؛ حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نمسح الأطباق جيدًا بعد الانتهاء من الطعام، ولا نترك بها أيَّ أثر له؛ فقد روى مسلم عَنْ أنس رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ". وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ، قَالَ: "فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ".
وسَلْتُ القصعة بمعنى مسحها، وتتبُّع ما فيها من آثار الطعام، وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فائدتين لهذه السُّنَّة؛ فهي أولاً تحرم الشيطان من التقوِّي ببقايا طعامنا، وثانيًا تُحَقِّق لنا البركة كاملة؛ حيث تكمن البركة في جزء من الطعام لا نعلمه، فكلما أنهينا ما في أطباقنا من طعام زادت فرصة تحقيق هذه البركة، والحديث يحضُّ على ألا يُبالغ المرء في ملء طبقه؛ حتى يكون قادرًا على الانتهاء منه دون عناء، ولا شكَّ أن هذا هو السلوك الأقوم.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].