يذكر مارسيل بوازار عفو محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ فيقول:
" وبالرغم من قتاليته ومنافحته ، فقد كان يعفو عند المقدرة " [1] .
"وكان العفو جوهرة أخرى بالغة الإشعاع في شخصية الرسول ~ صلى الله عليه و سلم ~ . لقد وجدت فيه تجسدها الكامل . ولقد أوصاه القرأن الكريم بـأن يأخذ بالعفو ويأمر بالمعروف ويعرض عن الجاهلين .
ولقد جاءه تفسير ذلك من لدنه تعالى . على هذا النحو : ( صل من قطعك ، وأعط من حرمك ، واغفر لمن أساء إليك )... لقد عاش ~ صلى الله عليه و سلم ~ وفقها حتى في أحرج المواقف . وفي معركة أحد [ شوال 3هـ/إبريل624 م] ، عندما جُرح وسقط على الأرض ، سأله أحد الصحابة أن يستنزل اللعنة على العدو، فأجاب : ( أنا لم أبُعث لعاناً للعالمين ، ولكن بعثت هاديًا ورحمة . . اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون !). وذات مرة جذبه بدوي طارحاً دثاره حول عنقه ، وحين ُسئل الرسول ~ صلى الله عليه و سلم ~ لمِ َلـم ْيعامله بالمثل أجاب قائلاً : إنه لا يرد على الشر بالشر أبداً ." ..
ويقول : "إن تاريخ العالم ليعجز عن تزويدنا بنظير لهذا الصفح الكريم الذي أغدقه الرسول ~ صلى الله عليه و سلم ~ على أمثال أولئك المجرمين الكبار . إن الضرب على وتر المواعظ الداعية إلى الصفح والغفران لا يكلف المرء شيئاً كثيراً ، ولكن عفو المرء عن معذبيه ليحتاج إلى قدر من الشهامة عظيم ، و بخاصة حين يكون أولائك المعِذبون تحت رحمته" .
ولا غرو أنْ وجدناه ~ صلى الله عليه و سلم ~ أحسن الناس عفواً، وألطفهم عشرة، يعفو عن المسيء، ويصفح عن المخطئ حتى وصفه الخالق سبحانه وتعالى : ] لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ] [التوبة : 128].
فقد أمره الله تعالى بانتهاج نهج العفو في دعوته .. قال الله تعالى : ]فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[ [المائدة : 13] .
---------------------------------------------------------------------
[1] مارسيل بوزار : انسانية الاسلام ، ص 46.
المقال السابق
المقال التالى