التسامح عند سيدنا محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ كما يقول الباحث الفرنسي مارسيل بوازار "هو واجب ديني وأمر شرعي" [1] .
ويقول الفيلسوف الألماني الشهير "غوته" في كتابه (أخلاق المسلمين وعاداتهم): "ولا شك أن التسامح الأكبر أمام اعتداء أصحاب الديانات الأخرى، وأمام إرهاصات وتخريفات اللادينيين، التسامح بمعناه الإلهي، غرسه رسول الإسلام ~ صلى الله عليه و سلم ~ في نفوس المسلمين، فقد كان محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ المتسامح الأكبر، ولم يتخذ رسول الإسلام ~ صلى الله عليه و سلم ~ موقفاً صعباً ضد كل الذين كانوا يعتدون عليه بالسب أو بمد الأيدي أو بعرقلة الطريق وما شابه ذلك، فقد كان متسامحاً؛ فتبعه أصحابه وتبعه المسلمون، وكانت وما زالت صفة التسامح هي إحدى المميزات والسمات الراقية للدين الإسلامي، وللحق أقول: إن تسامح المسلم ليس من ضعف؛ ولكن المسلم يتسامح مع اعتزازه بدينه، وتمسكه بعقيدته" [2] ..
وتتحدث لورافيشيا فاغليري عن مظهر التسامح الديني عند النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~، فتقول:
"كان محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ المتمسك دائمًا بالمبادئ الإلهية شديد التسامح، وبخاصة نحو أتباع الأديان الموحدة. لقد عرف كيف يتذرع بالصبر مع الوثنيين، مصطنعًا الأناة دائمًا اعتقادًا منه بأن الزمن سوف يتم عمله الهادف إلى هدايتهم وإخراجهم من الظلام إلى النور.. لقد عرف جيدًا أن الله لابد أن يدخل آخر الأمر إلى القلب البشري" [3]
إن سياسة التسامح الديني التي انتهجها محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ تجاه أصحاب الديانات الأخرى حظيت باحترام وتقدير المفكرين الغرب فعقدوا المقارنة بين تسامح الإسلام وتعصب الصليبيين.. يقول القس الألماني ميشون :
"إن الإسلام الذي أمر بالجهاد متسامح نحو أتباع الأديان الأخرى ، وهو الذي أعفى البطاركة والرهبان وخدمهم من الضرائب وحرم قتل الرهبان -على الخصوص - لعكوفهم على العبادات ولم يمس عمر بن الخطاب النصارى بسوء حين فتح القدس ..وقد ذبح الصليبيون المسلمين و حرقوا اليهود عندما دخلوها " [4] .
ويضيف الكاتب نفسه في موضع آخر ، متحدثاً عن تاريخ العلاقات الإسلامية المسيحية ، وكيف أن المسيحيين تعلموا الكثير من المسلمين في التسامح وحسن المعاملة ، يقول :
"وإنه لمن المحزن أن يتلقى المسيحيون عن المسلمين روح التعامل وفضائل حسن المعاملة ، وهما أقدس قواعد الرحمة والإحسان عند الشعوب والأمم، كل ذلك بفضل تعاليم نبيهم محمد~ صلى الله عليه و سلم ~" [5] .
------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] مارسيل بوزار : إنسانية الإسلام ، ص 183
[2] انظر: محمد عثمان عثمان : محمد في الآداب العالمية المنصفة، ص20.
[3] لورافيشيا فاغليري : دفاع عن الإسلام ، ص73.
[4] ميشون : تاريخ الحروب الصليبية، نقلا عن عفيف عبد الفتاح طبارة، ص 383
[5] ميشون : سياحة دينية في الشرق ، ص 31.
المقال السابق
المقال التالى