ما أروع أن ينتهز المسلم فرصة العيد فيُرَوِّح عن نفسه وأهله بشيء من اللهو المباح؛ فإن النفوس تملُّ، وتحتاج إلى ما يُخرجها من الرتابة، وهذا الترويح من السُّنَّة النبوية؛ فقد روى البخاري ومسلم -واللفظ له- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى، تُغَنِّيَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسَجًّى بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ، وَقَالَ: «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ».
وروى البخاري ومسلم كذلك عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ، تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «دَعْهُمَا». فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِمَّا قَالَ: «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ[1]». حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَالَ: «حَسْبُكِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاذْهَبِي».
إن هذا التلطُّف في معاملة الأهل -خاصة في يوم العيد- لمن سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أروعها من سُنَّة!
ولا تَنْسَوْا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
المقال السابق
المقال التالى