للكونِ إلهٌ حكيمٌ عليمٌ قدير.. يُدبِّر الكون بحكمته ويُسيِّر شئونه بعِلمه وقدرته وسُننه لا تتغيَّر ولا تتبدَّل..
قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ} [آل عمران:137]، وقال تعالى: {سُنَّتَ اللَّهِ الَتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكَافِرُونَ} [غافر من الآية:85]، وقال تعالى: {إلاَّ أَن تَاًتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} [الكهف من الآية:55].
وقال تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تََجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر من الآية:43]، وقال تعالى: {سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً} [الإسراء:77].
قال ابن كثير[ ] : "قوله: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ} يعني: عقوبة الله لهم على تكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره، {فَلَن تََجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} أي: لا تُغيَّر ولا تُبدَّل، بل هي جارية كذلك في كل مكذب، {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً} أي: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ} [الرعد من الآية:11]، ولا يكشف ذلك عنهم ويحوله عنهم أحد".
وجاء في تفسير القرطبي: "قوله تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ} أي: إنما ينتظرون العذاب الذي نزل بالكفار الأولين. {فَلَن تََجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} أي: أجرى الله العذاب على الكفار، وجعل ذلك سنة فيهم، فهو يعذب بمثله من استحقه، لا يقدِر أحد أن يُبدِّل ذلك، ولا أن يحول العذاب عن نفسه إلى غيره.
والسنة: الطريقة، والجمع سنن. وقد مضى في (آل عمران) وأضافها إلى الله عز وجل..
وقال في موضع آخر: {سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا} فأضاف إلى القوم لتعلُّق الأمر بالجانبين؛ وهو كالأجل، تارةً يضاف إلى الله، وتارةً إلى القوم؛ قال الله تعالى: {فإنَّ أجَلَ الله لآتٍ}، وقال: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ}".
المقال السابق
المقال التالى