إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى كما أمركم الله في كتابه الحكيم فقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا}. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }.
عباد الله اعلموا أن من أعظم الواجبات بعد معرفة معنى لا إله إلا الله معرفة العبد لمعنى شهادة أن محمداً رسول الله r ؛ فإن ذكر أحدهما يستلزم ذكر الأخرى، وشروط لا إله إلا الله هي شروط شهادة أن محمداً رسول الله، ونواقضها هي نواقض شهادة أن محمداً رسول الله. فمعنى شهادة أن لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله.
ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: الإقرار باللسان والاعتقاد الجازم بالقلب بأن محمداً بن عبد الله الهاشمي القرشي عبد الله ورسوله أرسله الله إلى جميع الخلق كافة من الجن والإنس.
ومقتضى هذه الشهادة: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.
فيجب الإيمان بشريعته r والانقياد لها: قولاً، وعملاً، واعتقاداً؛ من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره، وشره والقيام الكامل بأركان الإسلام من شهادةٍ، وصلاةٍ، وزكاةٍٍ، وصيامٍٍٍ، وحجٍ، وغير ذلك مما شرع الله على يده r كالإحسان بأنواعه، ومن الواجبات العظيمة وجوب معرفة النبي r وهذا هو الأصل الثالث من الأصول الثلاثة التي يجب على كل مسلم معرفتها وهي معرفة العبد ربه، ودينه، ونبيه r فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبياً ورسولاً.
نُبئ بإقرأ، وأرسل بالمدثر، وبلده مكة، وهاجر إلى المدينة، بعثه الله بالنذارة عن الشرك، ويدعو إلى التوحيد، أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد، وبعد العشر عُرِجَ به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس، وصلى في مكة ثلاث سنين وبعدها أُمر بالهجرة إلى المدينة، فلما استقر بالمدينة أُمر ببقية شرائع الإسلام مثل: الزكاة، والصلاة، والحج، والجهاد، والأذان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من شرائع الإسلام، أخذ على هذا عشر سنين وبعدها توفي صلوات الله وسلامه عليه، ودينه باقٍ وهذا دينه لا خير إلا دل أمته عليه ولا شر إلا حذرها منه، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين لا نبي بعده، وقد بعثه الله إلى الناس كافة، وافترض الله طاعته على الجن والإنس فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار.
وتحصل معرفته r بدراسة حياته وما كان عليه من العبادة والأخلاق الجميلة، والدعوة إلى الله عز وجل، والجهاد في سبيل الله تعالى.
وغير ذلك من جوانب حياته r، فينبغي لكل مسلم يريد أن يزداد معرفة بنبيه وإيماناً به أن يطالع من سيرته ما تيَسَّرَ: في حربه وسلمه، وشدته ورخائه، وسفره وإقامته، وجميع أحواله، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتبعين لرسوله r باطناً وظاهراً، وأن يثبتنا على ذلك حتى نلقاه وهو راض عنّا.
المقال التالى