ما أكثر الحروب الإعلامية التي تشن لتشويه صور العظماء ! وما أقبحها حينما تجعل من الفساق فضلاء، ومن الأخيار أشرارًا، حينها نرى وسائل الإعلام المغرضة أبواقًا تنفث سمها يمنة ويسرة، لتتخلى عن رسالتها الإنسانية وترتدي عباءة الذل والعار..
لقد أساءت إلينا جميعًا، وأساءت لكل إنسان، تلك الإساءات المتكررة لجناب نبي الإنسانية وسيد ولد آدم .. رسوم كاريكاتيرية .. كتب .. صحف .. برامج تلفزيونية ..تصريحات من أعلى القيادات السياسية والدينية .. أصبح شغلها الشاغل تشويه صورة " محمد بن عبد الله " ومحاولة النيل من دينه وشرفه وأخلاقه..
إنها محاولات حمقاء، تحاول أن تطعن في أقوى سلاح يمتلكه نبي الإسلام، إنه سلاح "الرحمة ".. إنهم يتهمون نبي الإسلام صلى الله عليه و سلم في أخص خصائصه على الإطلاق، ألا وهي خصيصة " الرحمة"، التي ساد وقاد بها العالم .
وكون هذه الإساءات لا تضير نبي الرحمة- فلا يضر السحاب نبح الكلاب- لا يعفي المسلمين المعاصرين من المسئولية أمام الله تعالى، فضلاً عن المسئولية أمام التاريخ الإنساني والإسلامي ..
نعم، نحن مسؤلون أمام الله يوم القيامة عن سكوتنا عن هذا المنكر الفظيع، وسلبيتنا أمام هذا الظلم المريع . ومسؤلون أيضًا أمام التاريخ، وعرضة أكيدة للسب واللعن من أحفادتنا حينما توارينا الأيام والسنون تحت أطباق التراب .. عندها نموت وقد لحق بنا العار؛ أن سُب رسولنا الأعظم– صلى الله عليه وسلم – ونحن في خرص ونيام وسلبية !
سييقول أحفادنا -وهم يلعنوننا – لقد سُب رسول الله في عصركم ولم تفعلوا ما يبيض الوجه ويزيل حمرة الخجل !
آن لنا أن يبرىء كل منا ذمته، على النحو الذي يتفق وقدراته .. فكل مسلم الآن " واجب عليه أن يعرف الناس برسول الله وينصره قدر استطاعته " ..
فالمعلم والمدرس والأستاذ يغرس في نفوس تلاميذه وطلابه قيم حب النبي – صلى الله عليه وسلم - وتوقيره والاقتداء به .
ورب الأسرة يربي الأولاد على منهج النبي – صلى الله عليه وسلم – يحفظهم الغزوة كما يحفظهم السورة من القرآن.
والموظف في مكتبه، يعلي من قيمة حب النبي – صلى الله عله وسلم – بين زملائه وأمام المواطنين .
والمدير في شركته أو مصنعه، يجعل من نصرة النبي – صلى الله عليه وسلم – وتعميق حبه في نفوس العاملين هدفًا ساميًا من أهداف مؤسسة العمل .
والإعلامي والصحفي يرصد كل إساءة لديننا ونبينا، فيفندها، ويناقشها، ويتثير همم الجماهير في الزود عن حياض الدين، واتباع منهج الحبيب – صلى الله عليه وسلم -
والتاجر والصانع يقاطع منتجات الأعداء ومنتجات كل دولة أو حكومة أساءت لنبينا – صلى الله عليه وسلم - .
إن رجال الأعمال والأغنياء عليهم دور كبير، وواجب أكيد في التعريف بنبي الرحمة ونصرته بأموالهم، عليهم أن يدعموا الكتب والإصدارات والفعاليات التي من شئنها التعريف بنبي الرحمة ونصرته .
أحرى برجال الأعمال المسلمين أن ينفقوا – ولو من ذكاة أموالهم – في تأسيس مثل هذه المشاريع الخيرية التي من شأنها نصرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
وليتهم ينفقون معشار ما ينفقه الغرب على الحرب على الإسلام ونبي الإسلام !
ولذلك رأيت أن أقوم – بدوري - وإلقاء الضوء على صفات النبي صلى الله عليه و سلم الدالة على رحمتة بالبشرية وأخلاقه وشمائله وخصائصه، وتعامله مع المسلمين وغيرهم، وذلك بإسلوب سهل ويسير..وقد جعلت البحث يتحدث بلسان حال علماء الغرب الذين أنصفوا رسول الإسلام صلى الله عليه و سلم في كتاباتهم ودراساتهم.
ولقد تبين لي من خلال هذا البحث أن الكثير من علماء الغرب قد كشفوا عن الكثير والكثير من الجواهر والدرر في حياة محمد صلى الله عليه و سلم ، فبينوا الكثير من مظاهر الرحمة والدروس والعبر في سيرة ومسيرة النبي محمد صلى الله عليه و سلم ..
وتنبع أهمية هذا البحث ؛ من كونه رسالة تعريف مبسطة لنبي الإسلام في وقت تكالبت فيه الأقلام المسمومة والألسنة الحاقدة للنيل من مكانته صلى الله عليه و سلم ..
والدراسة إذ تُّسْهم بمحاولة توضيح صورة نبي الإسلام للعالم، تنطلق من الإيمان بأهمية شهادات العلماء الغربيين المنصفين لنبي الإسلام صلى الله عليه و سلم .
فرب شهادة باحث غربي أوقع في قلوب الغربيين من نصوص إسلامية كثيرة !
ولقد جعل البحث من أدبيات علماء الغرب وحديثهم عن فضائل النبي صلى الله عليه و سلم ، مصدراً رئيسياً للبحث، ولم يستخدم البحث الأسلوب المعتاد أو التقليدي في الحديث عن شمائل النبي صلى الله عليه و سلم ، بل استخدم أدبيات الغرب أنفسهم في الحديث عن أخلاقيات وشمائل النبي صلى الله عليه و سلم . هذا، و ركز البحث على تناول مظاهر الرحمة في شخصية محمد صلى الله عليه و سلم ، بلغة سهلة، غير إنها تخاطب العقل، وتحرك الوجدان، واعتمدتُ على الدراسات الإستشراقية المنصفة بالأساس.. إضافة إلى كتب السيرة والشمائل والحديث النبوي والدراسات العربية المعاصرة.
المقال التالى