وكانت أساليبهم كالآتي:
1- جاءت سادات قريش إلى أبي طالب، فقالوا لـه: يا أبا طالب، إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه، وإنا واللَّه لا نصبر على هذا، مِنْ: شَتْم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين.
فعظم على أبي طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد، وعظم عليه فراق قومه وعداوته لهم، ولم يطب نفساً بإسلام رسول اللَّه لهم، ولا خذلانه، فبعث إلى رسول اللَّه فقال لـه: يا ابن أخي، إن قومك جاءوني فقالوا لي كذا وكذا، للذي كانوا قالوا لـه، فأبق عليّ وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك.
فثبت النبي على دعوته إلى اللَّه، ولم تأخذه في اللَّه لومة لائم؛ لأنه على الحق، ويعلم بأن اللَّه سينصر دينه ويعلي كلمته، وعندما رأى أبو طالب هذا الثبات ويئس من موافقة النبي لقريش على ترك دعوته إلى التوحيد قال:
واللَّه لن يصلوا إليك بجمعهم
|
|
حتى أُوسَّد في التراب دفينا
|
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة
|
|
وأبشر وقر بذاك منك عيونا([1])
|
2- بعد أن أسلم حمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب أخذت السحائب تتقشع، وأقلق هذا الموقف الجديد مضاجع المشركين، وأفزعهم وزادهم هولاً وفزعاً تزايد عدد المسلمين، وإعلانهم إسلامهم، وعدم مبالاتهم بعداء المشركين لهم، الأمر الذي جعل رجال قريش يساومون رسول اللَّه ، فبعث المشركون عتبة بن ربيعة ليعرض على رسول اللَّه أموراً لعله يقبل بعضها فيُعطَى من أمور الدنيا ما يريد.
فجاء عتبة حتى جلس إلى رسول اللَّه ، فقال: يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة([2]) في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرَّقت به جماعتهم، وسفَّهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفَّرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أموراً، تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها، قال رسول اللَّه : ((قل أبا الوليد أسمع))، قال: يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا، حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تريد به شرفاً سوَّدناك علينا، حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملَّكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا، حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه... حتى إذا فرغ عتبة، ورسول اللَّه يستمع منه، قال: ((أفرغت أبا الوليد؟)) قال نعم، قال: ((فاستمع مني)) قال: افعل، فقال: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم * حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ... ﴾ ([3]). ثم مضى رسول اللَّه فيها يقرؤها عليه، فلما سمعها منه عتبة أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليها يسمع منه، ثم انتهى رسول اللَّه إلى السجدة منها فسجد، ثم قال: ((قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك))([4]).
وفي رواية أخرى أن عتبة استمع حتى جاء الرسول إلى قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ ([5])، فقام مذعوراً فوضع يده على فم رسول اللَّه يقول: أنشدك اللَّه والرحم، وطلب منه أن يكف عنه، فرجع إلى قومه مسرعاً كأن الصواعق ستلاحقه، واقترح على قريش أن تترك محمداً وشأنه، وأخذ يرغبهم في ذلك([6]).
لقد تخير رسول اللَّه بفضل اللَّه – تعالى - ثم بحكمته العظيمة هذه الآيات من الوحي، ليعرف عتبة حقيقة الرسالة والرسول، وأن محمداً يحمل كتاباً من الخالق إلى خلقه، يهديهم من الضلال، وينقذهم من الخبال، ومحمداً قبل غيره مكلف بتصديقه والعمل به، والوقوف عند أحكامه، فإذا كان اللَّه يأمر الناس بالاستقامة على أمره، فمحمد أولى الناس بذلك، وهو لا يطلب ملكاً ولا مالاً ولا جاهاً، لقد مكنه اللَّه من هذا كله، فعف عنه وترفع أن يمد يديه إلى هذا الحطام الفاني؛ لأنه صادق في دعوته، مخلص لربه، ([7]).
وهذا موقف من أعظم مواقف الحكمة التي أوتيها النبي ، فهو قد ثبت وصدق في دعوته، ولم يرد مالاً، ولا جاهاً، ولا ملكاً، ولا نكاحاً، من أجل أن يتخلى عن دعوته، وقد اختار الكلام المناسب في الموضع المناسب، وهذا هو عين الحكمة.
3- قرر المشركون ألا يألوا جهداً في محاربة الإسلام وإيذاء النبي ومن دخل معه في الإسلام، والتعرض لهم بألوان النكال والإيلام.
ومنذ جهر النبي بدعوته إلى اللَّه، وبين أباطيل الجاهلية، انفجرت مكة بمشاعر الغضب، وظلت عشرة أعوام تعد المسلمين عصاة ثائرين، فزلزلت الأرض من تحت أقدامهم، واستباحت في الحرم الآمن دماءهم وأموالهم وأعراضهم، وصاحبت هذه النار المشتعلة حرب من السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب، وتشويه تعاليم الإسلام، وإثارة الشبهات، وبث الدعايات الكاذبة، ومعارضة القرآن، والقول بأنه أساطير الأولين، ومحاولة المشركين للنبي أن يعبد آلهتهم عاماً، ويعبدون اللَّه عاماً! إلى غير ذلك من مفاوضاتهم المضحكة!
واتهموا النبي بالجنون، والسحر، والكذب والكهانة، والنبي ثابت صابر محتسب يرجو من اللَّه النصر لدينه، وإظهاره([8]).
لقد نال المشركون من النبي ما لم ينالوه من كثير من المؤمنين، فهذا أبو جهل يعتدي على النبي ليعفر وجهه في التراب، ولكن اللَّه حماه منه، ورد كيده في نحره، فعن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: قيل: نعم. فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته، أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول اللَّه وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته. قال: فما فجئهم([9]) منه إلا وهو ينكص على عقبيه([10])، ويتقي بيديه، قال: فقيل لـه: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار، وهولاً، وأجنحة، فقال رسول اللَّه : ((لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً)). قال: فأنزل اللَّه : ﴿كَلا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى﴾ إلى آخر السورة([11]).
وقد عصم اللَّه النبي من هذا الطاغية ومن غيره، وصبر على هذا الأذى العظيم ابتغاء وجه اللَّه – تعالى -، فضحى بنفسه وماله ووقته في سبيل اللَّه تعالى.
4- ومما أُصيب به محمد من الأذى بتحريض هذا الطاغية ما رواه ابن مسعود قال: بينما رسول اللَّه يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب لـه جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا([12]) جزور بني فلان، فيأخذه فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم([13]) فأخذه، فلما سجد النبي وضعه بين كتفيه، قال: فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا أنظر، لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول اللَّه ، والنبي ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة، فجاءت وهي جويرية، فطرحته عنه، ثم أقبلت عليهم تشتمهم، فلما قضى النبي صلاته، رفع صوته، ثم دعا عليهم، وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً، ثم قال: ((اللَّهم عليك بقريش)) ثلاث مرات، فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته، ثم قال: ((اللَّهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط))، وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعث محمداً بالحق لقد رأيت الذي سمى صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب، قليب بدر([14]).
5- ومن أشد ما صنع به المشركونما رواه البخاري في صحيحه عن عروة بن الزبير، قال: قلت لعبد اللَّه بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول اللَّه ؟ قال: بينما رسول اللَّه يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط، فأخذ بمنكب رسول اللَّه ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر، فأخذ بمنكبه، ودفعه عن رسول اللَّه وقال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ﴾ ([15]).
وقد اشتد أذى المشركين لرسول اللَّه ولأصحابه، حتى جاء بعض الصحابة إلى رسول اللَّه يستنصره، ويسأل منه الدعاء والعون، ولكن النبي الحكيم واثق بنصر اللَّه وتأييده، فإن العاقبة للمتقين.
عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول اللَّه وهو متوسد بردة لـه في ظل الكعبة، [ولقد لقينا من المشركين شدة]، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: ((قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر لـه في الأرض، فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد [ما دون عظامه من لحم وعصب]، فما يصده ذلك عن دينه، واللَّه ليُتَمَّنَّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللَّه والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون))([16]).
وهكذا اشتد أذى قريش على رسول اللَّه وعلى أصحابه، وما ذلك كله إلا من أجل إعلاء كلمة اللَّه، والصدع بالحق، والثبات عليه، والدعوة إلى التوحيد الخالص، ونبذ عادات الجاهلية وخرافاتها الوثنية.
6- لقي النبي أشد الأذى، ووصل الأمر إلى تغيير اسمه احتقاراً لـه ولدينه، وحسداً وبغضاً لـه، فقد كان المشركون من قريش من شدة كراهتهم للنبي لا يسمونه باسمه الدال على المدح، فيعدلون إلى ضده، فيقولون: مذمم، وإذا ذكروه بسوء قالوا: فعل اللَّه بمذمم، ومذمم ليس هو اسمه ولا يعرف به، فكان الذي يقع منهم في ذلك مصروفاً إلى غيره بحمد اللَّه تعالى([17]).
قال : ((ألا تعجبون كيف يصرف اللَّه عني شتم قريش، ولعنهم؟! يشتمون مذمماً، ويلعنون مذمماً، وأنا محمد))([18]).
والنبي لـه خمسة أسماء ليس منها مُذَمَّماً([19]).
جاءت أم جميل زوجة أبي لهب – حين سمعت ما أنزل اللَّه فيها وفي زوجها من القرآن – إلى رسول اللَّه وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق، وفي يدها ملء الكف من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ اللَّه ببصرها عن رسول اللَّه فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكر! أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني، واللَّه لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما واللَّه إني لشاعرة، ثم قالت:
مُذَمماً عصينا
|
وأمره أبينا
|
ودينه قلينا([20])
|
استمر المشركون في إلحاق الأذى برسول اللَّه وبأصحابه الذين أسلموا، وبعد أن زاد عدد المسلمين وكثر عددهم ازداد حنق المشركين على المسلمين، وبسطوا إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء، ولما رأى رسول اللَّه ذلك، ورأى أنه في حماية اللَّه ثم عمه أبي طالب، وهو لا يستطيع أن يمنع المسلمين مما هم فيه من العذاب – فقد مات منهم من مات، وعذب من عذب حتى عمي وهو تحت العذاب – فأذن رسول اللَّه لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، فكان أهل هذه الهجرة الأولى اثني عشر رجلاً، وأربع نسوة، ورئيسهم عثمان بن عفان ، ذهبوا فوفق اللَّه لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين، فحملوهم فيها إلى أرض الحبشة، وكان ذلك في رجب، في السنة الخامسة من البعثة، وخرجت قريش في آثارهم حتى جاءوا البحر فلم يدركوا منهم أحداً، ثم بلغ هؤلاء المهاجرين أن قريشاً قد كفوا عن النبي فرجعوا إلى مكة من الحبشة، وقبل وصولهم مكة بساعة من نهار بلغهم أن الخبر كذب، وأن قريشاً أشد ما كانوا عداوة لرسول اللَّه فدخل من دخل مكة بجوار، وكان من الداخلين ابن مسعود، ووجد أن ما بلغهم من إسلام أهل مكة كان باطلاً، فلم يدخل منهم أحد إلا بجوار – كابن مسعود – أو مستخفياً، ثم اشتد البلاء من قريش على من دخل مكة من المهاجرين وغيرهم، ولقوا منهم أذىً شديداً، فأذن لهم رسول اللَّه في الخروج إلى الحبشة مرة ثانية، وكان عدد من خرج في هذه المرة الثانية ثلاثة وثمانين رجلاً، إن كان فيهم عمار بن ياسر، ومن النساء تسعة عشرة امرأة، فكان المهاجرون في مملكة أصحمة النجاشي آمنين، فلما علمت قريش بذلك أرسلت للنجاشي بهدايا وتحف ليردهم عليهم، فمنع ذلك عليهم، ورد عليهم هداياهم، وبقي المهاجرون في الحبشة آمنين حتى قدموا إلى رسول اللَّه عام خيبر([21]).
8- ولما رأت قريش انتشار الإسلام، وكثرة من يدخل فيه، وبلغها ما لقي المهاجرون في بلاد الحبشة، من: إكرام وتأمين، مع عودة وفدها خائباً، اشتد حنقها على الإسلام، وأجمعوا على أن يتعاقدوا على بني هاشم، وبني عبد المطلب، وبني عبد مناف، وأن لا يبايعوهم، ولا يناكحوهم، ولا يكلموهم، ولا يجالسوهم، حتى يسلموا إليهم رسول اللَّه ، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة، فانحاز بنو هاشم، وبنو عبد المطلب مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهب، فإنه بقي مظاهراً لقريش على رسول اللَّه وعلى بني هاشم، وبني عبد المطلب.
وحُبِسَ رسول اللَّه في شعب أبي طالب ليلة هلال محرم، سنة سبع من البعثة، وبقوا محصورين محبوسين، مضيقاً عليهم جداً، مقطوعاً عليهم الطعام والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغهم الجهد، وسُمِعَ أصوات صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب، ثم أطلع اللَّه رسوله على أمر الصحيفة، وأنه أرسل عليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم إلا ذكر اللَّه ، فأخبر عمه، فخرج إلى قريش فأخبرهم أن محمداً قد قال كذا وكذا، فإن كان كاذباً خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقاً رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا، قالوا: قد أنصفت، فأنزلوا الصحيفة، فلما رأوا الأمر كما أخبر به رسول اللَّه ازدادوا كفراً إلى كفرهم، وخرج رسول اللَّه ومن معه من الشعب بعد عشرة أعوام من البعثة، ومات أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وماتت خديجة بعده بثلاثة أيام، وقيل غير ذلك([22]).
ولما نُقِضَت الصحيفة وافق موت أبي طالب وموت خديجة وبينهما زمن يسير، فاشتد البلاء على رسول اللَّه من سفهاء قومه، وتجرئوا عليه فكاشفوه الأذى، وخرج إلى الطائف رجاء أن يستجيبوا لدعوته أو يؤووه أو ينصروه على قومه، فلم ير من يؤوي، ولم ير ناصراً، وآذوه مع ذلك أشد الأذى، ونالوا منه ما لم ينله قومه([23]).
([1]) انظر: سيرة ابن هشام، 1/278، وانظر: البداية والنهاية، 3/42، وفقه السيرة للغزالي، ص114، والرحيق المختوم، ص94.
([2]) يعني: المنزلة الرفيعة. انظر: المصباح المنير، مادة (سطا)، ص276، والقاموس المحيط، باب الواو، فصل السين، ص1670.
([3]) سورة فصلت، الآيات: 1-5.
([4]) أخرج هذه القصة ابن إسحاق في المغازي، 1/313 من سيرة ابن هشام، قال الألباني: <وإسناده حسن إن شاء الله>. انظر: فقه السيرة للغزالي، ص113، وتفسير ابن كثير، 4/61، والبداية والنهاية، 3/62، والرحيق المختوم، ص103.
([5]) سورة فصلت، الآية: 13.
([6]) انظر: البداية والنهاية، 3/62، وتفسير ابن كثير، 4/62، وتاريخ الإسلام للذهبي، قسم السيرة، ص158، وفقه السيرة لمحمد الغزالي، ص114، وهذا الحبيب يا محبّ، ص102.
([7]) انظر: فقه السيرة لمحمد الغزالي، ص113.
([8]) انظر: فقه السيرة لمحمد الغزالي، ص106، والرحيق المختوم، ص80، 82، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، 2/85، و88، و91، و93، و94، وهذا الحبيب يا محبّ، ص110.
([9]) ويقال أيضاً: فجأهم، أي بغتهم. انظر: شرح النووي، 17/140.
([10]) يرجع يمشي إلى ورائه. انظر: المرجع السابق 17/140.
([11]) أخرجه مسلم في كتاب المنافقين، باب قوله تعالى: ﴿كَلا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى﴾ 4/2154، (رقم 2797)، وانظر: شرح النووي، 17/140.
([12]) السلا: هو اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة وسائر الحيوان، وهي من الآدمية: المشيمة. انظر: شرح النووي، 12/151.
([13]) هو عقبة بن أبي معيط، كما صرح في رواية لمسلم في صحيحه، 3/1419.
([14]) البخاري مع الفتح، في كتاب الوضوء، باب إذا أُلقيَ على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته، 1/349 (رقم 240)، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي × من أذى المشركين والمنافقين 2/1418 (رقم 1794).
([15]) سورة غافر، الآية: 28.
والحديث في البخاري مع الفتح، في كتاب مناقب الأنصار، باب ما لقي النبي × وأصحابه من المشركين بمكة 7/165 (رقم 3856)، وكتاب التفسير، سورة المؤمن 8/553 (رقم 4815)، وكتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي ×: <لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً>، 7/22 (رقم 3678). واللفظ ملفقّ من كتاب المناقب، وكتاب التفسير.
([16]) البخاري مع الفتح في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، 6/619، (رقم 3612)، وفي كتاب مناقب الأنصار، باب ما لقي النبي × وأصحابه من المشركين بمكة، 7/164، (3852)، وفي كتاب الإكراه، باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر، 12/315، (6943)، واللفظ من كتاب الإكراه، وما بين المعقوفين من مناقب الأنصار.
([17]) انظر: فتح الباري، 6/558.
([18]) البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب ما جاء في أسماء رسول الله ×،
6/554، (رقم 3533).
([19]) انظر: البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب ما جاء في أسماء رسول الله ×، 6/554، (رقم 3532).
([20]) انظر: سيرة ابن هشام، 1/378، ومعنى قولها: قلينا: أي أبغضنا. انظر: تفسير ابن كثير،
4/523.2/109، و127، و128، وتاريخ الإسلام للذهبي – قسم السيرة، ص126، 137، والرحيق المختوم، ص112.
([23]) انظر: زاد المعاد، 3/31، والرحيق المختوم، ص113.
([21]) انظر: زاد المعاد لابن القيم، 3/23، 36، 38، والرحيق المختوم، ص89، وهذا الحبيب يا محب، ص120، وسيرة ابن هشام، 1/343، والبداية والنهاية، 3/66، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، 2/98، 109، وتاريخ الإسلام للذهبي، قسم السيرة، ص183.
([22]) انظر: زاد المعاد، 3/30، وسيرة ابن هشام، 1/371، البداية والنهاية، 3/64، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر،