الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأخ المسلم! هذا أحد أعلام التابعين كان مشركاً كافراً من بلاد فارس، ثم أسر أخيراً في إحدى معارك الإسلام زمن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فأسلم وتعلق قلبه بالقرآن.
يقول هذا التابعي رحمه الله تعالى عن نفسه: وقعت أنا ونفر من قومي أسارى في أيدي المجاهدين، ثم ما لبثنا أن غدونا محفوفين بطائفة من المسلمين في البصرة، فلم يمض علينا وقت طويل حتى آمنا بالله، وتعلقنا بحفظ كتاب الله.
وهكذا كانت أمة الإسلام، وهكذا كان سلفنا من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم، كانت بيوتهم عامرة بالإسلام والقرآن، وكان كل من عاش معهم يتأثر بهم وبأخلاقهم ومعاملاتهم وحياتهم الطيبة المعمورة بالقرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولو كان هؤلاء الذين يعيشون معهم عبيداً لهم مملوكين يأمرونهم وينهونهم ويبيعونهم ويشترونهم، فكانت حياتهم دعوة إلى الله تبارك وتعالى بأقوالهم وأفعالهم، وكان كثير من المشركين أو أهل الكتاب لا يمضي عليهم وقت حتى يدخلوا في دين الإسلام، وكيف لا يدخلون والإسلام هو دين الحق، والذين يعملون معهم ويعاملونهم يتخلقون بأخلاق القرآن؟ فكانت القدوة والمعاملة تنتقل مباشرة إلى هؤلاء.
هكذا كانت أمة الإسلام، وقارنها اليوم بأوضاعنا نحن المسلمين، وكيف نعامل غيرنا في بيعنا وشرائنا وأخلاقنا ونحو ذلك، حتى ولو لم يكونوا عبيداً مملوكين وإنما هم أجراء بيننا وبينهم عقد الإجارة.
هذا الإمام التابعي كان مشركاً مقاتلاً في صفوف المشركين فوقع أسيراً، ولما عاش في البصرة بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتابعين رأى الإيمان والقرآن، فما لبث أن دخل في دين الله تبارك وتعالى.
المقال السابق
المقال التالى