- إن الإطالة في السجود تُشعر وتُنبئ بقوة الصلة بالله، ولذة المناجاة مع الله، والأنس به، والعكس بالعكس.
- وقد جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها ]أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة كانت تلك صلاته يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه...[.
- وقد رغبنا الرسول صلى الله عليه وسلم بإطالة السجود فقال: ] أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء[ رواه مسلم.
- وإنها لفرصة ذهبية ثمينة: أن العبد الضعيف المقصر المذنب قريب من الله في هذه الحالة فينبغي عليك أن تطيل في سجودك وتكثر من الدعاء والتضرع وتبث همومك وأحزانك وشكواك إلى الله قاضي الحاجات ومجيب الدعوات، خير مسؤول وخير معطي.
- الخطوات العملية للإطالة في السجود:
- هناك بعض الأمور التي ينبغي على الداعي أن يتذكرها أثناء الدعاء حتى يُطيل في سجوده فيعيش في لذة المناجاة والقرب من الله والانكسار بين يديه والافتقار إليه وهو لا يشعر، ومنها على سبيل المثال:
1- أن تتذكر أثناء الدعاء الثناء على الله تعالى، وقد تكلمنا في الفصل الذي قبله عن الثناء على الله، فإن كثيرا من الناس مشغول في أثناء دعائه بطلب حاجاته الدينية والدنيوية، ولا تجد أن الثناء على الله يكتسح مساحة كبيرة وواسعة وعظيمة من دعائه، وقد ذكر العلماء أن من أسباب إجابة الدعاء الثناء على الله تعالى وتقديسه وتمجيده، ولا تمل ولا تسأم من الإطالة في الثناء على ربك أثناء الدعاء فإن الله قد أغدق علينا من نعمه التي لا تعد ولا تحصى.
2- أن تتذكر أثناء الدعاء ذنوبك السابقة والحاضرة، والخوف من الوقوع فيها في المستقبل فتدعو الله سبحانه وتعالى أن يغفرها لك، وقد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ]اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل[ .قالوا: معناه من شر ما اكتسبته مما قد يقتضي عقوبة في الدنيا أو يقتضي عقوبة في الآخرة وإن لم أكن قصدته.وورد أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان من دعائه ] اللهم اغفر لي ذنبي كله , دقه وجله , وأوله وآخره وعلانيته وسره[.
-3ان تتذكراثناء الدعاء الادعية التي وردت في القران ومنها على سبيل المثال : (ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم)
(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) راجع كتيب ( الدعاء ) للقحطاني
-4أن تتذكر أثناء الدعاء ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم من جوامع الدعاء ومنها على سبيل المثال:
- ] اللهم إني أسألك من الخير كله : عاجله وآجله ، ما علمت منه وما لم أعلم ، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ، ما علمت منه وما لم أعلم . اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك ، وأعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبدك ونبيك . اللهم إني أسألك الجنة ، وما قرب إليها من قول أو عمل ، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل ، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا[.
- ] اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر[.
- ] اللهم آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار[.
- [ اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والأخرة].
- [ يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين لا إله إلا أنت] .
- فهذه الأدعية قد جمعت لك مطالبك الدينية والدنيوية، فهي جامعة كافية وافية شافية، فاحرص عليها وكررها دائما في دعائك تفُز بسعادة الدنيا والآخرة.
5-أن تتذكر قلبك ونيتك فتدعو الله دائما أن يصلح لك قلبك فيطهره من النفاق والرياء والحقد والكبر والحسد والضغينة.وأن يصلح نيتك فلا تعمل إلا لله، لا تعمل من أجل الدنيا أو من أجل الثناء أو من أجل منصب.
وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ] اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك[ و ] يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك[.
لأن قيمة الإنسان عند الله بما في قلبه من الطهارة والنقاء والصفاء والإخلاص والصدق.
6-أن تتذكر إخوانك المضطهدين والمأسورين فتدعو لهم أن يجعل الله لهم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا وأن يربط على قلوبهم ويؤنس وحشتهم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ]دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل[ صحيح مسلم.
والذي يدعو لأخيه المسلم بظهر الغيب يَشعر برقي في المشاعر والأحاسيس فإن هذا الداعي لا يفكر فقط في نفسه أثناء الدعاء بل يفكر في جميع إخوانه المسلمين.
7-أن تسأل الله الفردوس الأعلى، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة.]رواه البخاري.
أخي الكريم: لا تعتمد على أعمالك وكثرة طاعاتك ولا تنظر إليها، ولكن انظر إلى سعة رحمة الله وكرمه وفضله وجوده وعطاءه وإحسانه فإنه الرحيم الكريم المنان الوهاب ذو الفضل العظيم.
8-أن تكرر الدعوة ثلاثا، وهذا من هديه صلى الله عليه وسلم: ].. وكان إذا دعا دعا ثلاثا وإذا سأل سأل ثلاثا..[ رواه مسلم.
- قال النووي: فيه استحباب تكرير الدعاء ثلاثا.
- وفي تكرار الدعاء يشعرك بقوة الرجاء، وقوة الرغبة، وقوة الطمع فيما عند الله، والله سبحانه وتعالى يحب من عبده أن يكون قوي الرجاء، قوي الرغبة فيما عنده.
9-أن تدعو لإخوانك المسلمين بالمغفرة، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ] من استغفر للمؤمنين و للمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن و مؤمنة حسنة[ رواه الطبراني.
- فهذا فيه فضل عظيم لمن استغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء والأموات، فكيف إذا كرره ثلاث مرات؟ على كم سوف يحصل من الحسنات....؟!
- تنبيه: أخي الحبيب إن من أنواع البر للأقارب والأرحام الدعاء لهم، فلا تنس أن تدعو لهم دائما ،وهذا أمر قد غفل عنه كثير من الداعين.
10-أن تستعيذ مما كان يستعيذ منه النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى سبيل المثال:
- ]اللهم إني أعوذ بك من العجز ، والكسل ، والجبن ، والبخل ، والهرم ، وعذاب القبر ، اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها . أنت وليها ومولاها . اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها[.
- ] اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك[.
- ]اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي ، ومن شر بصري ، ومن شر لساني ، ومن شر قلبي ، ومن شر منيي[.
- ] اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق ، والأعمال ، والأهواء[.
- قال أبو الدرداء : من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له ، ومن يكثر الدعاء يوشك أن يستجاب له.
- بعض الناس إذا لم ير أثر لإجابة في دعائه تسخّط على ربه ولم يتسخّط على نفسه وذنوبه التي منعته من إجابة الدعاء له.
- الداعي رابح على كل أحواله:
- اعلم أن ثمرة الدعاء مضمونة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ] ما من مسلم يدعو، ليس بإثم ولا بقطيعة رحم إلا أعطاه إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها. قال: إذاً نكثر! قال: الله أكثر.[.
- نصيحة مشفق:كرر دائما في دعائك (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، و (لا حول ولا قوة إلا بالله) فإنها من أعظم أسباب إجابة الدعاء.