- قال تعالى: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }
- قال السعدي : { وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ } أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير، والانفكاك عن الشر إلا بالله تعالى، لا بحولي ولا بقوتي.{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي: اعتمدت في أموري، ووثقت في كفايته، { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } في أداء ما أمرني به من أنواع العبادات، وفي [هذا] التقرب إليه بسائر أفعال الخيرات. وبهذين الأمرين تستقيم أحوال العبد، وهما الاستعانة بربه، والإنابة إليه، كما قال تعالى:{ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ }وقال:{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }.
- قال ابن القيم : وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد وكل شر فأصله خذلانه لعبده
- وأجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك الله نفسك
- وان الخذلان أن يخلي بينك وبين نفسك
- · مفتاح التوفيق : فاذا كان كل خير فأصله التوفيق وهو بيد الله لا إلى نفسك وأنه لابيد العبد فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة اليه فمتي أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له ومتي أضله عن المفتاح بقى باب الخير مرتجا دونه. اهـ كلامه
- قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى }.
- قال الشيخ السعدي: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى } أي ما أمر به من العبادات المالية، كالزكوات، والكفارات والنفقات، والصدقات، والإنفاق في وجوه الخير، والعبادات البدنية كالصلاة، والصوم ونحوهما، والمركبة منهما، كالحج والعمرة ونحوهما.
- { وَاتَّقَى } ما نهي عنه، من المحرمات والمعاصي، على اختلاف أجناسها.
- { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } أي: صدق بـ " لا إله إلا الله " وما دلت عليه، من جميع العقائد الدينية، وما ترتب عليها من الجزاء الأخروي.
- { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } أي: نسهل عليه أمره، ونجعله ميسرا له كل خير، ميسرًا له ترك كل شر، لأنه أتى بأسباب التيسير، فيسر الله له ذلك.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله) قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعمله؟ قال: (يوفقه لعمل صالح قبل موته).
- · قال صلى الله عليه وسلم : ( ....وإنَّه ليسيرٌ على من يسَّره الله عليه.. ) إشارةٌ إلى أنَّ التَّوفيقَ كُلَّه بيد الله - عز وجل - ، فمن يسَّرَ الله عليه الهدى اهتدى ، ومن لم يُيسره عليه، لم يتيسَّر له ذلك .
- · وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( اعملوا فكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِقَ لهُ ، أمَّا أهل السَّعادة ، فيُيسَّرون لعمل أهل السَّعادة ، وأمَّا أهل الشَّقاوة ، فيُيَسَّرون لعمل أهل الشقاوة ) ، ثم تلا - صلى الله عليه وسلم - {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } .
- · وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ في دعائه: ( واهدني ويسِّر الهُدى لي ) ، - وأخبر الله عن نبيه موسى - عليه السلام - أنَّه قال في دعائه: { رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي } .
- وكان ابنُ عمر يدعو : اللهمَّ يسرني لليُسرى، وجنِبني العُسرى.
- قال الصنعاني: الداعي إذا علم أن نجاح الأمور من الله انقطع عما سواه وأفرده بطلب الحاجات وإنزال الفاقات وهذا هو مراد الله من العبادة.
1- التوفيق للعمل الصالح عمومًا على اختلاف أنواعه بدنيا أو ماليًا أو قوليًا.
2- أن يوفق العبد للتوبة من الوقوع في المعاصي حتى لو تكرّرت منه، أو يحال بينه وبين المعاصي فلا يستطيع أن يصل إليها.
3- فتح باب اللجا والافتقار إلى اللّه عزّ وجلّ في الشدة والرخاء وفي كل الأحوال.
4- يلهم السداد والصواب في الأقوال والأعمال والمواقف.
5- أن يوفق العبد وييسّر له الجهاد والشهادة في سبيل الله، فإنها من أفضل القربات وأعلى المقامات.
6- عدم تدخل الإنسان فيما لا يعنيه كالاشتغال بتتبّع أخبار الناس وما فعلوا وما أكلوا وما شربوا، والتدخّل في الأمور التي لا يحسنها ونحو ذلك.
7- أن يوفق العبد لكريم الخصال وحسن الأخلاق وسلامة الصدر ومحبة الخير للمؤمنين.
8- أن يوفق العبد للعناية بكتاب الله تعلّما وتعليما، قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
9 التوفيق لنشر الخير والدعوة إلى الله وإصلاح الناس، فإن هذه مهمة الأنبياء والرسل، وقد قال الله عز وجل: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ ).
1- تعسر الطاعات والعبادات بأنواعها عليك مع طلبك لها .
2- وتيسر المعاصي والذنوب لك مع خوفك منها.
3- وغلق باب اللجا والافتقار إلى الله عزّ وجلّ في كل حال.
- فنسأل اللّه تعالى بفضله حسن التوفيق والاختيار ونعوذ به من سوء القضاء والأقدار.